برنسيس إيكاروس

Tuesday, August 30, 2016

فرصة !



فرصة ! 
***
   منذ فترة مررت بتجربة جميلة بقدر ما أزعجتني، أعجبتني، أحببت أن أشارككم بها.. فجأة! انقطعت خدمة الانترنت عن مكتبتي التي أجلس فيها أغلب أوقاتي للكتابة والقراءة والرسم، واستمر الانقطاع من عصر ذلك اليوم، وحتى عصر اليوم التالي، لأسباب أجهلها، وتعرفها الشركة المسؤولة عن خدمة الانترنت، ودائما ما يقال لنا ان الخلل/ الانقطاع عالمي.
   خلال هذا الوقت الطويل، تجمّدت الحياة في أوصال «اللاب توب»، «الآيفون»، «الآيباد»، والأهم حتى الهاتف النقال توقفت رناته لأن الاشارة اختفت أيضا، لماذا؟! لا أدري، مع أن لا علاقة بين الاثنين. يبدو أن هذه الامور مقدر لها أن تأتي مجتمعة، إما لراحتي وإما لإزعاجي. وهكذا حلّ السكون/ الهدوء في المكان/ مكتبتي.
لن أخفي عليكم، ففي أولى لحظات الانقطاع، شعرت بارتباك وانزعجت، فقد توقفت كل أعمالي، كنت سأبعث إيميلا بمقالتي إلى جريدة القبس، وكنت سأنشر بعض الصور المهمة في الفيسبوك، وكنت سأرد على الواتس اب المهم الذي وصلني من صديقتي العزيزة وهي خارج الديرة، وكنت سأكتب نبضة خفيفة بسيطة في تويتر كعادتي، وكنت سأرد على لايكات الأصدقاء في الانستغرام التي تكومت في صفحتي، وكنت سأكمل طباعة القصة الجديدة الموسومة «.. إني أنطفئ!» التي بدأت بكتابتها في الصباح، وكنت سألوّن اللوحة الجديدة، بواسطة الفن الرقمي/ الديجيتال بالكمبيوتر، وو و…، واتضح لي أن كل هذه الأمور الشخصية مهمة! إذاً لماذا اجتمعت كل «المهمات» في هذا الوقت الحرج؟! لا أدري!
    وقبل أن أتضايق أكثر ويزداد انزعاجي، تذكرت أيامنا قبل وجود التكنولوجيا الحديثة المتسارعة وأجهزتها المتطورة والذكية التي أرهقتنا، وغيّرت اسلوب حياتنا، كيف كنا نعيش من دونها، وكيف كنا ننجز أعمالنا وأشغالنا من غير وجودها، والأهم كيف كنا نقضي أوقات فراغنا، ألم تكن هناك أمور أخرى تجذبنا وتسعدنا؟
    وبالتالي تماسكت وزرعت على وجهي ابتسامتي المعهودة، وتناولت أحد الكتب الذي كان مرتاحاً قربي ينتظر أن أتصفحه بعد أن جذبتني هذه العبارة على غلافه «تمنحك الحياة ألف فرصة.. وما عليك سوى اغتنام واحدة»، وعنوانه شدني أكثر «تحت شمس توسكانا» للروائية فرانسيس مايز، فاغتنمت هذه الفرصة وأخذت اقرأ وأنا مستمتعة بهذا الهدوء الجميل، فأحسست براحة نفسية، ونسيت كل «المهمات».
     ولقد أسعدتني القراءة كثيرا، في ذلك الوقت المسروق من التكنولوجيا وأجهزتها.         وعصر اليوم التالي، فجأة! رن النقال، واختلطت رنات باقي أجهزة التكنولوجيا المحيطة بي، كي تجبرني على العودة الى الروتين اليومي، فكان جهدي مضاعفاً حتى أنهي «مهمات» الأمس و«مهمات» اليوم، وما أفرحني أكثر، أنني أنهيت قراءة تلك الرواية، واستمتعت بجمالها، فشكرا لهذا العطل/ الخلل التكنولوجي!

منى الشافعي
m_alshafei@hotmail.com
@alshafei_m
جريدة القبس 22 أغسطس 2016

Thursday, August 18, 2016

الحياة من دون أصدقاء .. موحشة !


 الحياة من دون أصدقاء .. موحشة !
***
    «خصص وقتاً للأصدقاء وللمرح، وذلك لتحسين ذاكرتك. فقد أظهرت الأبحاث، أن وجود علاقات هادفة ونظام دعم قوي، هو أمرٌ حيويٌ ليس فقط للصحة العاطفية، لكن أيضا لصحة الدماغ. كما وجد أيضا في إحدى الدراسات الحديثة، أن الاشخاص الذين يتمتعون بالحياة الاجتماعية الأكثر نشاطاً، لديهم أبطأ معدّل لتراجع الذاكرة (الزهايمر).
***
     هذا ما نريده جميعاً ونتمناه، أن تظل ذاكرتنا منتعشة وصحية، مع تقدم العمر، لذا أسعدتني هذه الفقرة العلمية البحثية، التي أرسلها لي أحد الأصدقاء المهتمين بالصحة العامة، كما نبهتني الى قيمة مهمة من عناصر الحياة الاجتماعية، وملمح إنساني راقٍ ألا وهو الصداقة، فدفعتني للكتابة.
فالصداقة الحقيقية من واقع تجارب الكثيرين، هي ملح الحياة الاجتماعية، ورائحتها العطرة، وهي تفعيل لعدة مشاعر وأحاسيس إنسانية، ومشاركة وجدانية، والأهم أنها موقف. فمن منّا كبشرٍ يستطيع أن يعيش بلا صديق، يشاركه أفراحه، ويخفف عنه همومه وأحزانه، ويتقاسم معه لذة الحياة ومرارتها؟!
***
    في هذا العصر المادي الذي نعيشه، ولأن الحياة لم تعد تلك السهلة البسيطة، فقد أخذت تتعقد وتتغير، وتتبدل مفاهيمها وتختفي قيمها، ليس من السهل أن تكسب صديقاً مخلصاً، يقف الى جانبك، تتعلم منه ويتعلم منك، يشاطرك حياتك، ونادراً ما تختلفان، فالصداقة أصبحت عملة نادرة، وهي كالصحة، لا تشعر بقيمتها الحقيقية إلا عندما تفقدها.
    لذا إن كان صديقك إنساناً مخلصاً نقياً، فتمسك به بقوة، لأنه حتما الوحيد الذي سيبقى معك حينما يبتعد عنك أصحاب المصالح الوقتية الآنية، فما أحوجك الى صديق حقيقي في هذا الزمن ذي الرتم السريع، فلا تفقده.
    أجمل الصداقات هي التي تلتصق بأغلب مراحل حياتك، وتستمر واثقة متوهجة، والأجمل أن ترطب مرحلة الكهولة، وتزداد عمقاً واتساعاً الى آخر الدرب. فما أجمل أن تشعر أن هناك من يحبك ويساندك، وبالتالي أينما ذهبت، وكيفما بعدت، ستشعر بأنك تحمل في أعماقك جزءاً من أفضل أصدقائك، إن لم يكن الوحيد.
منى الشافعي
m_alshafei@hotmail.com
alshafei_m@

Wednesday, August 10, 2016

الهم العربي إلى متى ؟

الهم العربي الى متى ؟
***
     «الضحك يقوي جهازك المناعي».. استفزتني هذه المعلومة، فتساءلت: هل هناك مواطن عربي يستطيع أن يضحك حد الفرح هذه الأيام الضبابية، وهو يعيش ويراقب فوضى عالم اليوم، وتلك القسوة العابثة التي تتلاعب بالإنسان الآمن البريء، والإنسانية؟!
     فمن فجر يومه وهو يسمع ويشاهد الصراعات الطائفية، وإثارة الفتن والعنصرية من حوله، أو يخوض مجبراً تلك الحروب العدمية، والتفجيرات الإرهابية هنا وهناك، وغيرها من وسائل الموت الجماعي المدمّر لأحلام البشر.
      وهكذا.. يبدو أن المواطن العربي تحيط به كل ألوان الهموم ومشاكلها، وبالتالي لا وقت لديه للضحك بصوتٍ عالٍ ليتعافى من أزماته المتكررة، وأمراضه المزمنة، فكلما يحاول أن يهرب من الهموم والأحزان، فوجئ بأن الأحزان هي التي تبحث عنه.
وأعمق أحزانه، وأشدها قوة عليه وعلى مستقبل أجياله الشبابية، الإرهاب الذي طال العالم من كل زواياه. والأنكى والأمّر أن هناك بيننا جماعات إرهابية تغرر بشبابنا، وتغسل أمخاخهم الطرية بوسائلها الدنيئة الخاصة، وتحثهم على ممارسة أعمال إرهابية شاذة متطرفة، مرفوضة دينياً واجتماعياً، ضد الآمنين من البشر.
نعم، نتمنى أن نضحك لو قليلاً، لكن بعد أن نتغلب على هذا الوضع المنحرف / المقلوب الذي ابتلينا به.. كيف ومتى؟!
***
     يقول الأستاذ خالد حمود بورسلي، في مقالته الأسبوعية المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي: «الإرهاب هو عدو الدول العربية الأول، منفذوه أغلبيتهم من الشباب، صغار السن الهاربين من مدارس ومناهج وأساليب التربية والتعليم البالية، منذ أكثر من ثلاثة عقود في الدول العربية، لذا اختطفتهم منظمات إرهابية، وغسلت أدمغتهم وأمخاخهم وشحنتها بالغلو والتطرف الديني ضد دولهم وشعوبهم وأهلهم وإنسانيتهم».
    ويضيف: «ولقد حدّد صاحب السمو – أمير دولة الكويت – الشيخ صباح الأحمد الصباح، حفظه الله ورعاه، في خطابه في مؤتمر قمة نواكشوط يوليو 2016، أسلوب وآلية المواجهة بأربعة أبعاد لا غير، وهي، الأبعاد التعليمية والتربوية والدينية والثقافية. وبالتالي، متى ما تغلبت الدول العربية على هذه الأبعاد، فستكون الدول العربية، وشعوبها، هي المنتصرة ضد العدو الأول (الإرهاب)».
     ولنبدأ بأنفسنا، ونطالب حكومتنا – كمواطنين – بوضع خطة عمل سريعة لتغيير وتجديد وتحديث هذه الأبعاد الأربعة، التي أشار إليها صاحب السمو أميرنا، ولنبدأ بالتربية والتعليم، حتى نحافظ على عقول شبابنا ومستقبلهم، ومستقبل الديرة، وننقذهم من الانزلاق في دهاليز الإرهاب البغيض.
منى الشافعي
القبس 9 اغسطس 2016
m_alshafei@hotmail.com
@alshafei_m
 


حتى نساهم في " الانفجار المعرفي " !

حتى نساهم في " الانفجار المعرفي " !
***
 
    استوقفني مصطلح «الانفجار المعرفي»، فأخذت أبحث عن معناه وماهيته ووظيفته وتاريخه.
     يقال ان الانفجار المعرفي هو «النمو السريع في معظم حقول المعرفة، علميا وفكريا وغيرهما، والذي أدى الى زيادة حجم المعلومات المتدفقة على العالم يوميا، وخاصة منذ بداية القرن الحالي».
     إذاً.. أصبحت المجتمعات اليوم في مواجهة تدفق غزير في المعلومات المعرفية، وتضخم في الكم والنوع، وذلك نتيجة للتطورات التكنولوجية العالمية التي يبدو انها لن تهدأ عن الجديد والحديث، ولا عن التغيير والتبديل. فمن المعارف العلمية المتنوعة من بحوث ودوريات علمية، وبراءات اختراع، وظهور تخصصات علمية جديدة خاصة في الطب والهندسة، والعلوم الحيوية وغيرها، الى المعارف الفكرية ونتاجها الهائل من الكتب والمجلات، والبحوث، وكل ما يستجد.
     وهكذا أصبح العالم يئن من حجم هذه الكتل الهائلة من المعارف المختلفة والمتنوعة، والتي تستحيل ملاحقتها اليومية، ومن ثم استيعابها وهضمها، حقا كما أطلق عليها البعض تعبير «صدمة معلومات ومعارف».
     ومع هذا، أجبرتنا على تحديها بمواجهتها والتعامل معها، ومتابعة كل ما هو جديد وحديث لحظة بلحظة بلا توقف، وإلا أصبحنا نشعر بالاغتراب المعرفي.
***
والسؤال هنا، أين نحن من كل هذا؟       
     والجواب، أننا كمجتمعات عربية نتلقى، ونستهلك فقط ،لا إنتاج ولا فاعلية، ولا دور لنا يذكر بالنتاج العالمي من الانفجار المعرفي، إلا فيما ندر. وبالتالي يجب علينا أن نسعى بجد الى تغيير هذه الصورة والقضاء على الأمية العلمية والفكرية والمهنية، ونجاري تطورات هذا العصر التكنولوجي المتسارع، وذلك بتغيير برامج التربية والتعليم عامة، ولنبتعد عن تلقي المعلومات والمعارف من غيرنا، ونتجاوزه الى الاهتمام بالموهبة الذاتية، والعبقرية الشخصية وخاصة عند شبابنا الواعد المهتم، الذي يتمتع بمواهب عديدة، وننمي عنده ملكة الاختراع والابتكار بكل اشكاله وتنوعه العلمي والفني والأدبي والفكري، ونشجع مهاراته، ونعتني بأفكاره، حتى نصل معه الى مرحلة الخلق والابداع والعطاء، ومن ثم نهتم بتأهيله حتى يستطيع أن يلحق بركب الحضارة المعرفية ويساهم بها، كونها لغة العصر التي لا غنى عنها أبدا، وإلا تخلفنا أكثر عن «صاروخ» الحياة المتسارعة معرفيا وفكريا، والتي بالضرورة ستتخطانا، وتدعنا نلهث وراءها من دون جدوى!
منى الشافعي
جريدة القبس 18 يوليو 2016
m_alshafei@hotmail.com
alshafei_m@