برنسيس إيكاروس

Thursday, March 15, 2018

حبة دواء واحدة بأكثر من ألف دولار


حبة دواء واحدة بأكثر من ألف دولار!
******

     بعض المشاهدات والمواقف الإيجابية والسلبية، التي صادفتني في رحلتي الأخيرة إلى أميركا، والتي دامت حوالي خمسة أشهر.
في إحدى الليالي شعرت بتعب يستدعي نقلي إلى المستشفى ــ ارتفاع ضغط الدم ــ خلال عشر دقائق كنت في قسم الطوارئ بالمستشفى الوحيد في منطقتنا. وبعد أخذ البيانات الشخصية والسؤال الأهم: «هل عندك تأمين صحي؟»، أخبرت المسؤولة أنني سأدفع «كاش». أدخلوني غرفة خاصة، ومعي صديقتي، وجاءت مساعدة الدكتور وقاست ضغطي وسجلته، وبعد عشر دقائق حضر الدكتور. بعد كم سؤال خرج ودخل علينا دكتور آخر لعمل التخطيط للقلب، وخلال خمس دقائق اكتملت الفحوصات، عاد الدكتور مبتسماً ليخبرني أن حالتي بسيطة. قلت له «ولكن ضغطي مرتفع جداً، فهل أحتاج حقنة لينخفض ضغطي بسرعة؟»، ابتسم وناولني حبة دواء صغيرة وكأس الماء، وقال: «فقط تحتاجين هذه الحبة، وسينخفض الضغط قليلاً قليلاً، وليس دفعة واحدة، وسيظل ضغطك في حالة ارتفاع بسيط وانخفاض بسيط أيضاً لمدة اسبوع حتى يستقر، فلا تخافي، وسأكتب لك وصفة مؤقتة، تستلمينها غداً صباحاً من الصيدلية القريبة على سكنك، ولكن يجب أن تذهبي إلى طبيب خاص للفحص الدوري وملاحظة حالتك ومتابعتها، والآن تستطيعين الذهاب إلى البيت، وخرج مودعاً بابتسامة أراحتني.
خرجنا، وكنا قد أمضينا في المستشفى ما يقرب الساعتين فقط، حيث أخبرتني المسؤولة أن المستشفى سيرسل فاتورة العلاج على عنواني الخاص، على أن أدفعها خلال شهر من تاريخها.
     تسلمت فاتورة المستشفى بعد أسبوع، وكان المبلغ كبيراً (1150 دولاراً). ذهبت في اليوم نفسه لأدفع الحساب. السيدة المحاسبة أخبرتني أن المستشفى سيخصم %30 من المبلغ، لأنني سأدفع «كاش»، شكرتها ودفعت مبلغ 750 دولاراً تقريباً، وأنا أردد بداخلي «عمار يا كويت».
     فوجئت بعد ذلك بوصول فواتير أخرى من المستشفى، تزيد على الألف دولار، قيل لي إنها أجرة الأطباء. عندما رأت دهشتي صديقتي أخبرتني أنني لو طلبت في تلك الليلة سيارة الإسعاف لكلفنتي أكثر من 1100 دولار، وأغلبنا في الديرة يشكو من مستشفياتنا الحكومية!
    ولكن الجميل عندما ذهبت لأدفع المبلغ «كاش»، حصلت على خصم %50 من فاتورة الأطباء.
    وخلال هذا الاسبوع كنت قد ذهبت إلى إحدى العيادات الخاصة، وفتحت ملفاً طبياً مع أحد الأطباء، وفي كل زيارة أدفع 140 دولاراً، عدا فواتير الأدوية، كنت أدفع وداخلي يخبرني عن الدلال الذي نلاقيه في ديرتنا المعطاءة الحلوب.
لا أدري لماذا لا نحمد الله ونشكر ديرتنا التي تؤمّن لنا العلاج المجاني داخل الديرة وخارجها؟

منى الشافعي

جريدة القبس الخميس  15 مارس 2018

Monday, March 05, 2018

سوريين يفوزون بجائزة «منى الشافعي للقصة القصيرة للمهجّرين»3



سوريين يفوزون بجائزة «منى الشافعي للقصة القصيرة للمهجّرين»3

****

      أعلنت مسابقة «منى الشافعي للقصة القصيرة للمهجّرين» عن أسماء الفائزين بدورتها الأولى، وجاءت النتائج كالآتي:
المرتبة الأولى للكاتب إبراهيم عبدالرحمن الشمالي عن قصة «القرية».
المرتبة الثانية للكاتب جميل غنام المحمد عن قصة «الفرَس».
المرتبة الثالثة للكاتبة إباء مصطفى الخطيب عن قصة «يدي تؤلمني يا عمو».
     والفائزون الثلاثة من سوريا، حيث هي أوسع شريحة اليوم من الذين يعانون اللجوء والنزوح. وجاء في حيثيات التحكيم عن قصة «القرية» للكاتب إبراهيم عبدالرحمن الشمالي، أنها قصة مؤثرة جدا تستلهم من التراجيدي الإنساني وتقدمه للقارئ من دون مساحيق في الدرجة الصفر. تتلاعب بانفعالات القارئ وأفق انتظاره الذي يميل إلى حدوث نهاية سعيدة. ويبدو جليا أن الكاتب يميل إلى كتابة قصة واقعية بلغة بسيطة لكن بمتخيل بديع يلتقط تفاصيل مدهشة عن العلاقات الإنسانية ومصائرها الممتلئة بالمصادفات والتناقضات، بالإيمان والأمل والعزم تارة، والشك واليأس والخسارة تارة أخرى. وفي الحالتين هناك قوة إنسانية تصر على المضي قدما إلى الأمام.
أما عن قصة «الفرس» للكاتب جميل غنام المحمد. فقالت لجنة التحكيم: تنهج القصة أسلوب الكتابة الشذرية، فتمتاح بنيتها من الاسلوب الروائي. قصة ذات نفس ملحمي وخرافي. تتميز بلغة شاعرية وانزياحية. كناية عن قسوة الإنسان وعماء بصيرته وتحجر شعوره حينما يتعلق الأمر بالكائنات الأضعف منه.
وقالت اللجنة عن القصة الثالثة «يدي تؤلمني يا عمو» للكاتبة إباء مصطفى الخطيب: تعتمد القصة أسلوبا ساخرا ومن منظور طفلة صغيرة تمثل أوضاع لاجئي الحروب في كل زمان ومكان.. حبكة القصة جيدة وكان يمكن أن تصبح أفضل قصة لولا قفلتها التقريرية.
      وقالت الأديبة منى الشافعي، مؤسسة الجائزة، ان المسابقة حققت حضوراً جيداً وأدت إلى إعادة تواصل المهجّرين مع الأوساط الثقافية. وتمنت الشافعي أن تزول معاناة هؤلاء المهجّرين ويعودوا إلى أوطانهم ليشاركوا في البناء الأدبي الحقيقي من خلال مؤسساتهم الثقافية.
  محرر جريدة  القبس الإلكتروني 23 يناير، 2018

د. أحمد الربعي.. لن نقول وداعاً



د. أحمد الربعي.. لن نقول وداعاً!
******
 
 
 


     ليس هناك أشد وجعاً على النفس البشرية حين يأتيها فجأة نبأ فقد أخ وصديق عزيز عليها.. إنه الموت الذي بغفلة منّا يختطف أعز الأحباب والأصدقاء. إن فقد الأحبة يترك في النفس انكسارات لا تنمحي أبداً.
اليوم الاثنين (5 مارس) يشعرني بأنه يشاركني حزني على فقدك، كمشاركة ألم محبيك الآخرين على غيابك يا أبا قتيبة.
     لن أخبرك بأننا نحتاج إليك اليوم بقوة في هذا الزمن الرمادي، لن أخبرك بأن الفساد يزداد التصاقاً بكل موضع يطأه، لن أخبرك بأن القلق أصبح صديقاً للمواطن ومرافقاً له في كل تنقلاته، لن أخبرك عن النزاعات والصراعات الإقليمية والعالمية، ولا عن الحروب العدمية التي تحيط بنا، حتى لا أعكّر عليك صفو غفوتك.. سأحدثك عن ذكريات الزمن الجميل.
     لقد مرت عشر سنوات، حين اختفى صوتك، وسكت قلمك يا د.الربعي، ولكنك لا تزال تسكن قلوب محبيك، يشعرون بدفء حديثك، يرددون دائماً حلو كلماتك، ويتذكرون مقولاتك وروعة معانيها، خصوصا حين تقول: «المهم ألا يتسلل الإحباط إلى قلوبنا، وأن نرفع أشرعة التفاؤل من أجل أطفال يكبرون وآخرين يتكونون في أرحام أمهاتهم. من أجل وطن جميل صغير».
      لا نزال نقرأ «أربعائياتك» بشغف المرة الأولى، نتذكر كيف كنا نستمتع حين نقرأ عمودك الصحافي في جريدة القبس «بالمقلوب» أكثر من مرة، كي نثري به عقولنا وقلوبنا.
     لا نزال نتابع مقابلاتك «المسجّلة» عبر الفضائيات الصديقة وغير الصديقة، نتأمل كيف كنت شجاعا، جريئاً وصادقاً، حين كنت تحاور، تجادل، تصارع بإقناع، دفاعاً عن حبيبتك الكويت، قضيتك الأولى.. أبشرك مع كل ما يحيط بها من هزات فهي لا تزال جميلة.
    إن ننسى، فكيف ننسى جلساتك الثرية، مع الشعر والشعراء، تقرأ لنا بصوتك العذب قصائد السياب والمتنبي، وتلقي علينا أشعار درويش ونازك، وأحياناً تأخذنا برحلة ممتعة مع قصائد نزار وغيره من الشعراء الذين تعشقهم، بأحاسيس مختلفة وألق يتجدد.
نعم.. هكذا كنت، تعلمنا منك الكثير، فقد كانت أحاديثك تنثر الفرح حولنا، تبعث على التفاؤل، تزرع في دواخلنا الأمل. لذا، نفتقد وجودك الجميل، وحضورك الأجمل بيننا يا د.أحمد.
          الأهم حين رحلت عنّا، تركت لنا تفاؤلك، ابتسامتك، وحب الكويت الجميلة. ستبقى أحاديثك ومقولاتك دروساً ينتفع بها طلبتك، متابعيك وكل محبيك.
لك وحشة تتسع كل عام. يرحمك الله رحمة واسعة، ويغمّد روحك جنات النعيم.       

(منى الشافعي)
جريدة القبس 5 مارس 2018