برنسيس إيكاروس

Tuesday, November 16, 2010

يمه خلص الحبر


كتبت منى الشافعي
دخلت عليَّ ابنتي العشرينية، وأنا كعادتي اليومية جالسة أمارس صمتي، ويدي على خدي.. سألتني: «أمي.. ما بك، الكآبة تملأ روحك والحزن يلفك؟». أجبتها والحسرة تتآكلني: «الحمد لله يا ابنتي أننا من الشعوب التي تتمتع بمساحة من الحرية نُحسد عليها، والأجمل هناك أقلام رائعة تتولى التعبير عن صمتي، وصمت الأغلبية الصامتة و..»، قاطعتني: «أمي أعرف ما بك، عجلي أفرغي ما بداخلك من غليان، سأكتبه أنا اليوم بقلمي، وأعدك لن تضطرب الكلمات فوق الورقة».. وبدأت أتحدث وأملي وابنتي تكتب.
«.. أتمنى يا ابنتي أن تعود عقارب الساعة الى الوراء.. الى ما قبل مرحلة الاستجوابات واللجان المؤقتة في مجلس أمتنا، الفساد الاداري والمالي، عدم تطبيق اللوائح والقوانين، الواسطة اللئيمة، هدر المال العام.. الى ما قبل تكميم الأقلام قبل الأفواه، كثرة الفتاوى التي تحرّم وتحلّل على كيف كيفها، روتين الرقابة على الكتب والمطبوعات والمنع المزاجي اللاحضاري، محاولة زرع بذور الفتنة الطائفية والقبلية.. الى ما قبل تلوث البيئة، أزمة الكهرباء، أزمة العلاج في الخارج، عدم تطوير التعليم وتسييسه، ظاهرة البطالة التي تجاوزت %23 والبطالة المقنعة، أزمة الرياضة، أزمة الاسكان، أم الظواهر، ظاهرة البدون.. الى ما قبل وجود خدمة التاكسي الجوال مسبّ.با أغلب الحوادث المرورية، العمالة الهامشية السايبة».
نظرت إليَّ ابنتي مستفسرة، هل من مزيد؟ أومأت لأكمل: «.. الى ما قبل الأزمة العالمية المعقدة حول النووي الايراني، سعير الحروب الطائفية في العراق ولبنان، جريمة 11 سبتمبر وولادة «القاعدة»، الارهاب وموضة التفجيرات الدموية هنا وهناك، الى ما قبل الغزو الصدامي على ديرتنا المسالمة الآمنة، الحرب العراقية - الايرانية، الثورات العسكرية على الحكام، الاستعمار واغتصاب فلسطين، زرع اسرائيل في قلب الأمة العربية».. تنهدت ثم: «.. ما قبل ظهور الفضائيات اللامسؤولة وبرنامج «الاتجاه المعاكس»، ظاهرة عمليات التجميل والاستنساخ الانثوي، ظهور البويات والجنوس.. آه يا ابنتي أتمنى لعجلة التنمية أن تدار بسرعة لأجلك وأجل الأجيال القادمة، أتمنى الأمن والأمان للديرة وأهلها.. أتمنى لمحة من لمحات الزمن الجميل الذي مضى.. آه.. و.. و.. و..».
(بصوت عالٍ: ( يُمَّه خَلَص الحبر

m_alshafei@hotmail.com

الكويت مدينتي العتيقة

كتبت منى الشافعي


إن الاحتفاظ بالمدن العتيقة، هو الذي يشكل شخصية الأمة ويمنحها هويتها، ويعترف بوجودها التاريخي والاجتماعي أمام العالم.
عندما أسافر دائما احرص على زيارة المدن العتيقة التي تستقبلني بإرثها الحضاري وتاريخها الممتد عبر العصور.. بحيث تشعرني بالرهبة والانجذاب والمتعة والتأمل، لأن المباني الاسمنتية الملفعة بالزجاج، وناطحات السحاب العملاقة، لا تشعرني بأي شيء من رائحة التاريخ الإنساني، وحضارته القديمة الرائعة المتنوعة.. فدائما كانت المدن العتيقة مصدر إلهام للشعراء والمبدعين، للفنانين التشكيليين والمصورين.. كم استمتع وأنا اتحسس عراقة تلك المدن من بين شقوق جدرانها.

***
عندما أعود الى ديرتي موسومة بعبق المدن العتيقة، محملة بعشق التاريخ القديم.. بصراحة تعلوني كآبة وتسكنني حسرة، ويمتلئ ذهني باكثر من سؤال.. أين اختفت مدينتي/ديرتي العتيقة؟! أين حي الشرق، القبلة، المرقاب، وحي الوسط.. أين معالمها العمرانية القديمة؟
مدينة الكويت القديمة (الديرة) تشبه كل المدن العتيقة، لها حضور تاريخي يزيد على الثلاثة قرون، تقع بكل شموخ على حافة الخليج العربي.. اليوم حين اتلفت حولي ابحث عن وجودها، تصطدم عيناي بناطحات السحاب الزجاجية، المباني الاسمنتية الضخمة، المولات الحديثة، وكم متنوع من المشاريع الحديثة الطراز.
يبدو ان الاهتمام بالجانب الاقتصادي قد ساهم في إهمال الجانب التراثي، واختفاء نسيج معالم مدينة الكويت العتيقة، خصوصاً الموروث العمراني البسيط، الجميل، الذي كان من الممكن أن يصبح ايضا استثمارا سياحيا.
لذا كان من الواجب علينا القيام بعملية ترميم وتأهيل لمدينة الكويت القديمة، لأنها تستحق العناية والمحافظة على معالمها، وطابعها المعماري الأصيل الممتد عبر العصور، حتى نتباهى بعتقها، ونفتخر بإرثها الحضاري.
نتمنى ألا تطول معاول الهدم والتدمير ما تبقى من الكويت العتيقة، خاصة مبنى مدرسة القبلية للبنات، فقد سمعنا ان المعدات الثقيلة باتت تحاصرها.

m_alshafei@hotmail.com