برنسيس إيكاروس

Friday, June 20, 2014

....تلك الابتسامة !!

كتبت منى الشافعي


• كم هو الإنسان الحلقة الأشد ضعفاً! ولكني انتبهت إلى قيمة الأسرة والأهل والأصدقاء.

كنت أعتقد ان كل شيء في الحياة سيظل كما هو، يسير على روتينه اليومي، بلحظاته البسيطة، وتفاصيله الدقيقة. ولكن بعد ان سكنتني كثير من التجارب، وامتدت سنوات العمر، كهبة نسيم أمام غفلتي، أدركت ان الحياة تتغير، فهي ليست تلك الحفلة التي نتوقعها دائما، ولا تلك المأساة التي نتخيلها أحياناً. لذا، يجب علينا أن نحترم ما نملكه، ونقدر ما عندنا من نعم الله سبحانه، كلحظة فرح تسعدنا على بساطتها، أو ساعة مرح تُحفزّنا للحياة، لنصبح أنفسنا لا غيرنا. وبالتالي فطالما تتخذ الحياة بعض القرارات نيابة عنا، وتغلق الباب خلف دهشتنا، فما علينا إلا أن نتقبل قرارها.

***

بعد ان أُغلق الباب خلفي، وجدتني ممددة على جهاز طبي ضخم، يتمتع بتكنولوجيا حديثة جدا لشد العمود الفقري وتخليصه من آثار الخشونة التي تجرأت على بعض فقراته.

غرفة صغيرة دائرية الشكل جدرانها بيضاء ناصعة.. هدوء، يكسره بين دقيقة واخرى صوت الجهاز الذي يعمل بطريقة الشد والارتخاء، خلال ساعة زمن قضيتها بصحبته.

بعض الالم يطفر من عيني، يتعلق بتلك الفتحة الصغيرة الدائرية الشكل، التي تسكن منتصف السقف، تتزين بنور خافت مريح، يبدو لي كأنه خيط نور من نسيج القمر، يتدلى منه بعض الامل. شيء رائع، لا يشعر به الانسان في لحظات يومه المشحون بأموره الحياتية الاخرى، انها ساعة ألم لا تخلو من متعة التأمل والتخيل والتفكر.

***

في هذه الساعة، في هذه الغرفة المغلقة، فوق هذا الجهاز الطبي الغريب، تذكرت كل امور الحياة الصعبة والاكثر تعقيدا من هذا الجهاز، فحمدت الله سبحانه. والاهم اعترفت لنفسي كم هي الحياة ضعيفة! أو بعبارة أخرى، كم هو الإنسان الحلقة الأشد ضعفاً! ولحظتها انتبهت الى قيمة الاسرة، الاهل، الاصدقاء وكل الطيبين من البشر.

مع الألم، ادركت مدى اهمية مد اليد ومساعدة الغير، ان كنا قادرين. فما أجمل ان تفاجئني ابتسامة الممرضة الشابة التي تعدت تقاطيع وجهها قبل يدها التي امتدت لتساعدني على النزول من الجهاز. شيء جميل ان نساعد الآخرين قدر استطاعتنا، والاجمل ألا يتوقف هذا العطاء الانساني في حياتنا اليومية، حتى وان كان تلك الابتسامة!

منى الشافعي