برنسيس إيكاروس

Tuesday, January 29, 2008

**نكهات الزمن **




بعيداً عن قضايا المرأة وحقوقها الوضعية المتنوعة.. بعيداً عن معترك السياسة الداخلية والخارجية التي باتت تقلقنا وتلازمنا كظلنا.. بعيداً عن منصة استجوابات الوزراء.. بعيداً عن الفتاوى اليومية التي أصبحت تدخل في كل تفاصيل الحياة اليومية ودقائق أمورها، حتى أصبح التنفس بعمق يحتاج إلى فتوى تسمح به أو تحلله أو تحرمه أو حتى تدينه، لا فرق قريباً من الوجود الإنساني الجميل ومن الحياة الحلوة بكل نكهاتها الزمنية المختلفة واستمراريتها
الرائعة.
*********
في العشرينات من عمرها.. يسألها بهدود وثقة: «سنسافر غداً مساءً.. عندك مانع؟».. تبتهج.. تفرح.. تردد: «طبعاً لا.. ليس لديَّ أي مانع.. سأقوم حالاً وأرتب حقائب السفر».. بعد أقل من ساعتين تكون حقائب السفر جاهزة بكل الاحتياجات.. تلتفت إليه، يعاجلها بقوله: «لو سمحت. ضعيهم في حقيبة يدك، فأنت أحرص مني على هذه الأمور».. تأخذ جوازات السفر والتذاكر من بين يديه وتضعها في حقيبة يدها الكبيرة.. في مساء الغد، يصعدان إلى الطائرة.. يبتسمان، كل شيء يسير ببساطة وسهولة
*********.
في الثلاثينات من عمرها المديد، حين يخبرها أن السفر كالعادة غداً، تردد: «أتمنى أن تؤجله يومين فقط حتى يتسنى لي شراء احتياجاتي الخاصة من لوازم الماكياج التي تعيد إلى بشرتي نضارة العشرين وتحميها من أشعة الشمس».في الأربعينات، قبل أن يفاجئها بتذاكر السفر، كعادته، تنبهه بقولها: «لو سمحت أخبرني قبل السفر بأسبوع»، طبعاً حتى تتمكن من شراء حذاء مريح يتحمل ثقل جسدها الممتلئ قليلاً، عدا لوازم الماكياج التي تخفي التجاعيد الدقيقة التي باتت تزين تقاطيع وجهها، ثم تستدرك لتضيف: «لا تنس الموبايل، لأنني أحتاج إلى أن أكلم الأولاد يومياً
********
في بداية الخمسينات.. يسألها: «هل جهزت كل ما تحتاجينه فالسفر بعد أسبوعين»؟ تتنهد، تحضر ورقتها وتبدأ في القراءة «الاحتياجات، حذاء رياضي للمشي، كريمات ولوازم ماكياج خاصة – لإخفاء التجاعيد التي رسمت تعرجات ظاهرة على وجهها- ملابس مريحة، للجسم الممتلئ، أدوية الضغط» وضعت الورقة جانباً لتقول: «وسأذهب إلى الصالون لصبغ شعري الذي غزاه الشيب من كل جانب، أتمنى ألا تنسى الموبايل والشاحن وأدويتك الخاصة»
*********
.على أبواب الستينات، حين يأتي بتذاكر السفر، وحين تنتبه إلى تاريخ السفر، تشهق لتردد: «يا إلهي السفر الشهر القادم؟!.. أتمنى أن يسعفني الوقت لتحضير الاحتياجات» وفي عجالة تحضر ورقتها وتقرأ: «حذاء طبي للمشي، مشد صحي للظهر، ضبابة للركبة، ملابس فضفاضة،- لإخفاء عيوب الجسم، الذي بات يئن من كيلوات الشحم واللحم الزائدة-، أدوية الضغط والسكر والكوليسترول والمعدة وآلام المفاصل، كريمات كولاجين وبوتكس- لإخفاء اخاديد التجاعيد-»، ثم تتذكر فتسأله: «اهم شيء لا تنس كرت الضمان الصحي، لانه ضروري جداً، والموبايل والشاحن لانني احتاج ان اكلم احفادي على الاقل في اليوم مرتين، اما انت فلا تنس ادويتك واحتياجاتك الاخرى.
********
.يا إلهي، ماذا ستفعل هذه المرأة في سن السبعينات والثمانينات من عمرها المديد؟! ونحن - ككويتيين- السفر عندنا من ضروريات الحياة، وأحد الثوابت المرتبطة بثقافتنا العامة

m_alshafei@hotmail.com

Friday, January 25, 2008

** الجبهة الداخلية **




لا ادري كيف خطر ببالي هذا الموضوع، لابد ان هناك شيئا ما يدور حولي، حرك الفكرة في ذهني، وجعلني اتساءل عن مسمى «الجبهة الداخلية»، فالمعروف في حالات الحروب ان المواطن داخل اراضيه يُعتبر احدى جبهات الحرب، وجزءا لا يتجزأ من القتال الدائر على حدوده او قرب منشآته العسكرية او الاقتصادية او فوق سمائه، وبالتالي لا بد ان تصاحب القوة العسكرية والامنية قوة اخرى تسمى «الجبهة الداخلية»، ومن واجب الدولة ان تباشر في اعداد وتجهيز تلك القوة المساعدة وذلك لحماية المواطن في الداخل عبر خطة مدروسة متكاملة، لاهمية هذه المنظومة في حالة نشوب حرب ما، والجبهة الداخلية عبارة عن متطوعين من المواطنين القادرين والمتمكنين والمدربين، تساعدهم مؤسسات المجتمع المدني بكل طاقاتها وامكاناتها وقدرات اعضائها، وذلك على شكل وحدات مدربة ومجهزة بالمعدات الطبية اللازمة وسيارات الاسعاف والاطفاء ومعدات اخرى ضرورية لمثل هذه الامور، ولانجاح مهمة وحدات الجبهة الداخلية ودورها يجب ان يتم التعاون الجاد بينها وبين وحدات الشرطة وقوى الامن الاخرى المستنفرة في الداخل تساندهم وسائل الاعلام المتنوعة المقروءة والمرئية والمسموعة، لمواجهة الحالات الطارئة، والتقليل من حدوث الاضرار غير المتوقعة، وحل المشاكل الآنية والقضاء عليها. ذلك لان في حالات الحروب لن تتمكن الدولة منفردة من الدفاع والسيطرة على كل ما يحدث في الخارج والداخل، ويجب على الجبهة الداخلية المكونة من قوى بشرية مدربة ومن قوى امنية مختلفة ومن مؤسسات مدنية ومن جميع المواطنين الغيورين على وطنهم، ان تكون متماسكة وصلبة ومتراصة ومتعاونة ومتوادة، كي تدعم القوة العسكرية للدولة بحيث تبتعد عن مجرد حمل الشعارات ونشرها، وتبدأ بالعمل الجاد وتفعيله في حالة حدوث ضرر


***********


ما.ما دام الشيء بالشيء يذكر.. فانني اتذكر جيدا فترة الغزو والاحتلال الصدامي عام 1990 لديرتنا الحبيبة، فقد كان الصامدون عزلا من السلاح، لكنهم استطاعوا بجدارة الدفاع عن اراضيهم بالمقاومة والنضال والصمود، كما استطاعوا العمل على توفير الغذاء والدواء بشتى الطرق وذلك كل حسب موقعه وقدراته وامكاناته، كما استطاعوا حل مشاكلهم اليومية ولقد نجحوا بذلك كجبهة داخلية يسكنها الحب والمودة والايثار ويزينها التكاتف والتلاحم والتعاون والتسامح، وتتوجها السمات الكويتية الطيبة المعروفة.نتمنى علينا، في حالة حدوث ضرر ما – لا سمح الله – ان تكون هذه الصفات الجميلة لصيقة بكل مواطن كويتي تجاه اخيه الآخر، بعيدا عن الطائفية والمذهبية والقبلية والحزبية، وبالتالي ستكون جبهتنا الداخلية اقوى من الباتريوت والصواريخ والجت، واكثر فاعلية وتأثيرا من الدبابات والقنابل النووية، في وجه كل من تسول له نفسه المساس بامن وامان الكويت الحبيبة.. حفظ الله الكويت


وشعبها من كل مكروه قد يدنو صوبها.


m_alshafei@hotmail.com





Friday, January 18, 2008

** لنكن بمستوى الكلمة **





صحيح ان الكتابة مسؤولية تثقل كاهل الكاتب وترهقه، كما تؤرق الناشر، ولكن حرية التعبير ممتعة وجميلة ومطلوبة، والاهم مكفولة بحدودها وثوابتها المعروفة.الكتابة عامة والكتابة الصحفية خاصة لها تأثير كبير وسريع وفاعل على عقول القراء، وهنا تكمن مسؤولية الكلمة وخطورتها، خصوصا من الكتاب الذين يوجهون اقلامهم الى حيث المواضيع السياسية الساخنة المحلية والاقليمية والعالمية، كما يتعمقون بتحليل تلك الاوضاع وبعض الاحداث، ويتنبأون بالتوقعات على اختلافها، كما هي الكتابات الدينية والاجتهادات، والفتاوى المختلفة التي تحرم وتحلل وتجيز، وبالتالي تتغلغل هذه المعلومات في عقول الناس لتدخل في دقائق امورهم وصغائرها، فتثير الرعب والخوف في النفوس المطمئنة، وقد تؤثر سلبا على سير حياتهم الهادئة فتنغصها، لذا فالحذر في مثل هذه المواضيع واجب انساني ومطلب وطني.هذا لا ينفي ان هناك مستجدات يومية متلاحقة، ومشكلات متسارعة، وتحديات متنوعة، تطفو بقوة على الساحة الإنسانية، تستصرخ الاقلام الجادة القادرة المتمكنة، ان تهب للإعلان عنها وعن وجودها المرضي، فهي تحتاج الى طرح وتحليل وتشخيص ومعالجة بشكل جيد دقيق، نقي حيادي، ومدروس، قائم على الثوابت والحقائق والحيثيات والقناعات التي يجب ان يعيها الكاتب الجاد ويحذرها، مثل مشكلة المديونيات وشرائها، واسقاط القروض عن المتعثرين من المواطنين، وزيادة رواتب الموظفين والكوادر الوظيفية وغيرها من المشاكل والظواهر التي تستجد على ساحتنا المحلية هذه الايام، ومن العوامل المهمة في فن الكتابة السرعة والتوقيت الصحيح بحيث يتزامن فعل الكتابة مع زمن الحدث او مع حدوث المشكلة او تفاقم الظاهرة واتساعها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الامور مرهونة بأوقاتها»، وقال الامام علي كرم الله وجهه: «الفرصة سريعة الفوت، بطيئة العود».الكتابة الصحفية تتنوع من كاتب لآخر حسب امكانات الكاتب وقدراته واسلوبه، فمن الكتَّاب من يجيد الكتابة الرمزية، ومنهم من يفضل الكتابة الساخرة، ومنهم من يهتم بالجدية والمباشرة، ومنهم من تكون كتاباته السهل الممتنع، سلسلة سهلة لكنها عميقة المعنى وعظيمة الجودة، ومن الكتَّاب من ينبه لوجود مشكلة ما او ظاهرة استطالت وكبرت، ومنهم من يضع بعض الحلول التي يراها مناسبة، ومنهم من يشخص الحالة فقط ويترك العلاج لغيره من المعنيين او المسؤولين او المتمكنين من زملائه، وهناك انواع اخرى من الكتابة تهتم بالمعلومة والمعرفةوالتوعية والتربية والنصح، ومنها ما يلفت النظر الى امور حياتية يومية تلتف حول المواطن سواء كانت سلبية او ايجابية، نستطيع القول ان كل هذه الاجناس الكتابية مفيدة وذات منفعة انسانية كبيرة تخدم الناس وتحاول ان ترتقي بالمجتمع وتصلح عيوبه وتخفف من فساده، وايضا تظهر محاسنه قبل عيوبه ان كانت هناك محاسن.إذاً، فالكتابة بكل صورها واشكالها ليست حالة سهلة ولا عملية ديناميكية، ولا هي نوع من الترف، كما يتصورها البعض، فهي فعل يحتاج الى وقت وجهد وفكر وبحث، لها تبعاتها، هناك من يرفضها وهناك من يتقبلها وهناك مَن ينتقدها، وبالتالي فمن لديه ملكة الكتابة فليمارسها، غير متناس انها مسؤولية مرهقة يجب ان يتحملها ويتقبل تبعاتها بروح رياضية، وليكن بمستوى الكلمة وخطورة الحرف كي يحمل امانة القلم

************.

إضاءة

:إذا خفت لا تقل.. وإذا قلت لا تخف

ربَّ قول أَشد من صول.

m_alshafei@hotmail.com

Wednesday, January 02, 2008

** الحياة بلا أمهات فقيرة **


عند متابعتي لبرنامج 'حياكم مع بركات' استوقفتني وشدتني بقوة عبارة 'الحياة بلا امهات فقيرة'، وحركت مشاعري واحاسيسي البعيدة، تلك العبارة المعبرة، قالها الاعلامي الناجح تركي الدخيل خلال مقابلته الممتعة، لحظتها انتبهت الى انني قد فقدت امي منذ زمن بعيد جدا ولا تزال الدموع تلهب عيني شوقا وتوجع قلبي حسرة، وأشعر دائما ان هناك شيئا ما ينقصني.. امي، حنانها، دفؤها، لمسة يدها، بسمتها، ضحكتها، هدوؤها، صخبها، دعواتها، رعايتها، فالام لا مثيل لها بين الخلق، حقا ان لغة الكلام تتعطل حين نتحدث عن الام، وتصبح الكلمات بلا معنى، لانه ليس هناك كلمة او عبارة جديرة بأن تصف الام، لأنها هي الخير والبركة، السعادة والفرح، الحب والحنان، المودة والالفة، الشغف والشفقة، التضحية والفداء، الغفران والعطاء، وهي الرائحة الطيبة الزكية، الامن والامان، الإيثار والنقاء، هي من يسهر الليالي لترعانا صغارا وتتفقدنا كبارا، ماذا بعد؟ هناك الكثير غير هذا وذاك، فلن تكفي تلك الكلمات لوصف الام، فهي مخلوق يستحق ابجدية جديدة مميزة لوصف مآثرها وفضائلها على البشرية عامة، يا الهي ما اروع الام والامومة، قالت ماري هوبكنز: 'الامومة اعظم هبة خص الله بها النساء'، وقال شكسبير: 'ليس في العالم وسادة انعم من حضن امي'، اما اندريه غريتري' فقد قال: 'من روائع خلق الله، قلب الام'، اما 'محمود درويش' فقد قال: 'لن أسميك امرأة، سأسميك كل شيء'
.***

أعجب من شخص يتجاهل امه، يتجاهل وجود هذا الكنز السخي الذي لا ولن ينضب من الحنان والحب والعطف والجهود المضنية في تربيته، وتلك المشاعر والاحاسيس الجميلة التي اغدقتها برغبة عليه.فلتحظ الامهات الرائعات باهتمام الابناء ورعايتهم، ولنشطب من قواميسنا كلمة جحود وجفاء وعقوق ونسيان وتناس، فمن اساليب القرآن الكريم في هذا الشأن الكبير انه يوصي الابناء ببر الوالدين ويؤكد على الام بقوله: 'ووصينا الانسان بوالديه، حملته امه وهنا على وهن' (لقمان 14)، اما الامام الشافعي يرحمه الله فيقول: 'واخضع لأمك وارضهافعقوقها احدى الكبر'اما جميل الزهاوي فيقول: 'ليس يرقى الابناء في امةما لم تكن قد ترقت الامهات'

***

إضاءة:

- من يحب الشجرة يحب أغصانها

.- الإنسان لا لحمه يؤكل، ولا جلده يلبس، فماذا فيه غير حلاوة اللسان.

m_alshafei@hotmail.com