برنسيس إيكاروس

Friday, October 26, 2012

العيد .. فرصة جميلة !



 العيد .. فرصة جميلة !

كتبت منى الشافعي

القبس 26 أكتوبر 2012


    ما حدث، أخيراً، في الديرة من سلوكيات جديدة، أخذت تستشري كالداء في جسد هذا الوطن الآمن، في محاولة خبيثة لغزو أمنه، واغتيال أمانه.

    الجميع يعرف أن هذه الصراعات والمشاحنات التي تكدر صفو الديرة من وقت إلى آخر، ليست لها جذور في عناصر ثقافتنا الكويتية النقية، بل هي دخيلة وطارئة، غير متناسين أننا لسنا بمعزل عما يدور حولنا إقليمياً وعالمياً، وبالتالي، يجب علينا جميعا التصدي لكل شيء دخيل ومحوه من ثقافتنا، حتى نستطيع التركيز على التنمية بكل فروعها، خصوصاً بناء الإنسان الكويتي الجديد الذي يستطيع أن يواجه المراحل الحرجة إقليمياً، والصعبة عالمياً، الآنية منها والمستقبلية، التي تحتاج إلى جهود مكثفة، متواصلة من جميع تشكيلاتنا وأطيافنا على حد سواء، حتى نستطيع أن نلائم إيقاع هذا العصر الجديد جغرافياً وتاريخياً، الذي أخذ يتشكل أمامنا بسرعة الضوء، ناظرين بأوسع من العينين إلى مصلحة الجماعة، ومصلحة الوطن الغالي، متناسين الأنا، والإفراط في تضخيمها.

***

    لنعتبر ما حدث شذوذاً فردياً مؤقتاً، مع وضع معين ينتهي، حين تتخذ الإجراءات القانونية العادلة طريقها إلى معاقبة ومحاسبة كل من تسبب بتعكير صفو هذا المجتمع الطيب المسالم، وهذه الديرة الآمنة.. ولنكن جميعاً صوتاً واحداً لا ثاني له في وجه كل من يحاول بث سمومه وخبثه في الجسد الكويتي السليم، وكل من يؤجج نار الفتنة، ويحاول توسعة ثغرات الخصام بين أطيافنا المتحابة، طالما أن هذه السلوكيات غير المألوفة عندنا، مرفوضة دينياً، واجتماعياً، وقانونياً، ولقد أخذت مجراها القانوني، أخيراً، بامتياز، فلنقل جميعاً الحمدلله على الأمن والأمان، ولن ننسى هنا أن الكويت على صغر مساحتها إلا أنها كانت ولا تزال تتسع لجميع أطيافها، وتشكيلاتها محتضنة كل توجهاتهم النقية الفاعلة لما فيه خير هذا الوطن الجميل، مثمنة أفكارهم الجميلة البناءة.


***

    وبالتالي، وبمناسبة عيد الأضحى المبارك، وأيامه الفضيلة، لماذا لا نتكاتف ونتضامن، في محاولة للتخفيف من حدة هذه التشنجات، وتبسيط الأمور فيما بيننا بروح الأسرة الواحدة التي تربينا عليها، وتعودنا اللجوء إليها في وقت الضيق والمحن، مبتعدين عن التعقيد والصراعات التي لا مبرر لوجودها بيننا، حتى تظل ديرتنا بلد الأمن والأمان، الخير والنعمة؟ وبذلك نخلق مناخات نظيفة صافية، تشيع السعادة والرضا من حولنا، تساعدنا على الخلق والإبداع، الابتكار والتفكير السليم، التعلم والعمل المثمر والعطاء المتواصل، ولنعِ جيداً أن كل واحد منا، من دون الآخر، لا شيء.


   الكويت كحجر الألماس لا تتغير مع الزمن... فلنحافظ على لمعانها وبريقها الجذاب... وعيدكم مبارك وأيامكم سعيدة.   

Thursday, October 25, 2012

الطابور الخامس.. كلاكيت.. مجددا


الطابور الخامس.. كلاكيت.. مجددا

كتبت منى الشافعي

القبس 25 اكتوبر 2012

     منذ أكثر من عام كتبت مقالاً يحمل عنوان «الطابور الخامس»، يبدو اننا لم ننتبه بما فيه الكفاية لخطورة هذا المصطلح الغريب، الدخيل على الثقافة الكويتية المسالمة، وبما أن في الإعادة إفادة، فها أنا أطرح الموضوع نفسه.

     في السابق كتبت «لا أدري من أين جاءتني فكرة كتابة هذا المقال، وتساءلت قائلة: ربما لأن هذا المصطلح السياسي، أخذ يتردد على ألسنة الناس بكثرة هذه الأيام». أما اليوم فأعتقد أنني أدري وبشدة، وبالتالي فثقافة الطابور الخامس تعتبر من الثقافات السلبية التي تكتسبها، وتمارسها فئة ضالة ملوثة، جبانة، خائنة، مبرمجة، سرية، تشكل خطراً كبيراً على المجتمعات المسالمة، الآمنة، تعمل فقط من أجل مصالحها الشخصية.. وبالتالي يجب على تلك المجتمعات الحضارية، المسالمة، بكل أطيافها وفئاتها، وتشكيلاتها ان تنتبه، وتأخذ حذرها من هؤلاء المندسين بينها.

* * *

     ولكن ما هو مصطلح «الطابور الخامس»؟! ولأنني كنت جاهلة بهذا المصطلح السياسي الذي أخذ يغزو ثقافتنا اليومية، فقد سارعت للتعرف عليه كي استفيد وأفيد غيري، حين بحثت وسألت العارفين، عرفت أن الطابور الخامس، كتعبير، نشأ أثناء الحرب الأهلية الأسبانية 1935 - 1939، وقد أطلقه الجنرال فرانكو، حين أعلن أثناء الحرب انه يهاجم مدريد ب‍أربعة طوابير عسكرية من الخارج، يساعده أنصاره من داخل مدريد في طابور خامس، وهؤلاء هم جماعة من مؤيدي الجنرال فرانكو المتواجدين في مدريد الخاضعة آنذاك لسيطرة الحكومة الجمهورية، والذين كان يتوقع منهم أن يثوروا على تلك الحكومة حالما تصبح فرق الجنرال فرانكو العسكرية الأربع، أو طوابيره الأربعة الزاحفة لاحتلال العاصمة على مقربة منها، وقد كانت مهمة الطابور الخامس الكبرى بث روح الهزيمة، وضعضعة الثقة في نفوس أنصار الجمهورية، وذلك عن طريق نشر الإشاعات المختلفة، فضلاً عن القيام بأعمال شغب وتخريب في البلد.

* * *

وهكذا ترسخ هذا المعنى في الاعتماد على الجواسيس (الطابور الخامس) في الثورات، والانقلابات والحروب، واتسع ليشمل مروجي الإشاعات، ومنظمي الحروب النفسية التي انتشرت نتيجة الحرب الباردة بين المعسكرين الشيوعي والغربي.

 

ثم تطورت فكرة الطابور الخامس دولياً، وذلك من مجموعة من الجواسيس، ينقلون للعدو كل حركات المجتمع وهمساته ونبضه، الى مجموعة من مسؤولين وصحافيين وكتّاب وخبراء، وجمعيات مختلفة، وجماعات تحت أسماء مرموقة ومدعومة، وبعض من يزعمون أنهم مثقفون ومتعلمون، يقومون بأعمال التجسس والتخريب وكل صور ثقافة الخيانة بالنيابة عن العدو، وذلك بإثارة الفرقة والشقاق والغوغاء والخلخلة في المجتمعات الآمنة الهادئة، المسالمة، وازدادت الفكرة تطوراً حين اتخذت طابعاً مؤسسياً في القرن العشرين، وصارت كل دول العالم بلا اسثتناء تهتم بإنشاء ما يسمى بـ«دوائر الحرب النفسية» لاستخدامها كآلة حربية مكملة ضد العدو

****

   هذا لمحة تاريخية بسيطة لهذا المصطلح السياسي، بدايته، ثم كيف تطور، من حقنا ان نتعرف عليه، لأنه أصبح أحد المصطلحات التي تهمنا، كما أصبح قريباً منا في هذه الأيام، الله يكافينا شر هذا المصطلح ويحفظ ديرتنا من كل مكروه قد يدنو صوبها.

 

 

 

 

 

 

فلنحافظ على هذه النعمة !


فلنحافظ على هذه النعمة !

كتبت منى الشافعي


  نحتاج، هذه الأيام غير المألوفة التي تمر علينا، ويبدو أنها امتدت فاستطالت، ولم ولن تنتهي، إلى جلسة حوار ملحة.

يقال إن الحوار صوت هذا العصر، وهو من الظواهر الصحيحة لأي مجتمع يرغب في التعايش السلمي الإنساني، مع كل أطيافه وشرائحه وفئاته، لأن الحوار لغة الإنسان الحضاري الواعي، وسمة من سماته الراقية.. وهل ينقصنا ككويتيين الوعي، أو التحضر والرقي؟.. لا نعتقد، لأنه كما يقول المثل «إذا خُلِيتْ خُرِبَتْ».. وبالتالي فالمواجهة العقلانية المباشرة لها دور كبير وفاعل في نقل المعلومات وتوصيل وجهات النظر من طرف لآخر بصورة واضحة، شفافة، دقيقة، تحتمل التصديق والثقة .

     لذا، نأمل ونتمنى علينا جميعا أن تجلس جميع الأطراف المختلفة في أمور الديرة، ذات الأفكار والآراء والنظريات الجديدة والقديمة، التي ازدحمت بها الديرة، وجهاً لوجه، على طاولة حوار مستديرة في محاولة جادة لتشخيص الخلافات المتراكمة، والعلل اليومية الطارئة التي تأتينا من الداخل والخارج، ومما يدور حول هذا الكوكب / القرية.. ولنفترض دائماً حسن النية، ولنحترم علاقاتنا الإنسانية، والرأي والرأي الآخر، كظاهرة صحية.. ولننظر الى الكويت بعين الرضا والحب، وذلك للوصول الى تقارب وجهات النظر لما فيه المصلحة العامة، غير متناسين في لحظة الحوار انه يجب علينا ان نحمي قلوبنا وعقولنا من التلوث الناتج عن الكراهية للآخر، والابتعاد عن الانانية، والنرجسية التي تسكن بين ضلوع بعض اطيافنا.. ولننس الخطاب الطائفي والقبلي والعائلي والفئوي الذي اصبح موجعاً ومرفوضاً.. ولنتعود على استخدام الالفاظ الراقية، والهمس بالكلام الطيب، العاقل.. ولنبتعد عن تلك اللغة البائسة التي انحدرت من علوها، واصبحت سمة الكثيرين منا.

     حول هذه المائدة، نتمنى ألا ننسى ان الاغلبية الصامتة تريد الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وتطالب بشدة بدوران عجلة التنمية التي توقفت لاكثر من عقدين، ذلك لان الحراك السياسي عطل كل شيء جميل في الديرة، لذا اصبحنا نعيش حالة جمود تام في كل مناحي الحياة عدا السياسة مع اننا دولة نفطية.. بلد خير وعز، بلد امن وامان يحسدنا عليه الصديق قبل العدو، والقريب قبل البعيد، فلنحافظ على هذه النعمة.. نتمنى ان يكون لهذه الكلمات بعض الصدى في نفوسنا جميعا لاجل حبيبتنا الكويت.. حفظ الله الكويت واميرها وشعبها من كل مكروه قد يدنو صوبها.

القبس الخميس 18 أكتوبر 2012

هذه حالنا .. فكيف ؟!




هذه حالنا .. فكيف ؟!

كتبت منى الشافعي

     حين بدأت الدول المهزومة في الحرب العالمية الثانية بالنظر إلى تحسين وضعها والتغلب على خسائرها، وذلك بعد انتهاء هذه الحرب المدمرة، كاليابان مثلاً، اهتمت أولاً بالاقتصاد كقوة عالمية جديدة تحاكي بها قوة السلاح، وهكذا أخذت بتطوير اقتصادها، وتنميته بسرعة كبيرة، حتى تبرز كقوة اقتصادية مؤثرة في العالم، وهنا ظهرت أهمية التنمية البشرية، والحاجة إلى عقول متميزة تستطيع تحقيق أهداف الدولة الاقتصادية المطلوبة.

     حين ركزت هذه الدول على تنمية الفرد، ليزداد تطوراً يوماً بعد آخر، التفتت إلى شمولية التنمية، فشملت مناحي الحياة الأخرى كالتنمية السياسية، الإدارية، التعليمية، الصحية، الثقافية، وكان الإنسان هو العنصر الأساسي، والمحرك الديناميكي لنجاح هذه المجالات الحيوية، وتطويرها، يزامله النمو الاقتصادي للدولة، وبالتالي انصب الاهتمام الكلي على تطوير مهارات ذلك الإنسان وقدراته، ومن ثم الاعتماد على أبحاثه العلمية، وخبراته، ليقوم بتحديث وتطوير جميع عناصره مجتمعة، متسلحاً بالعلم المتجدد، والتكنولوجيا الحديثة، وبهما ينمو البلد، ويتطور الإنسان.


      إذاً، تكمن أهمية التنمية البشرية في خلق مجتمع طموح قادر على تحقيق ذاته، واثق من مهاراته وقدراته وإمكاناته، لبناء نمط حياة حضاري راق لنفسه ولبلده.
***

       بما أن التنمية البشرية، هي عبارة عن خطة/منهج مدروس بعناية وثقة، يهتم بتحسين نوعية الإنسان، وذلك بتطوير مهاراته وقدراته وإمكاناته من خلال توفير فرص تعليمية حديثة متطورة ملائمة له، على أن ينمو الاقتصاد جنباً إلى جنب مع المجتمع وناسه، لأن كل فرد في المجتمع من حقه أن يطمح في تحقيق أحلامه وطموحاته، ورغباته في مجالات الحياة، وأمورها المتنوعة، ليتمتع بمستوى مرتفع من الدخل، لتوفير حياة كريمة له ولأسرته، ولأجياله القادمة، ولأن رخاء الأمم والشعوب لا يأتي إلا من التنمية البشرية والنمو الاقتصادي، إذاً نحن في الكويت بحاجة ملحة إلى التنمية البشرية اليوم أكثر من أي وقت مضى، غير متناسين أن أغلب اقتصادنا معتمد على صادرات النفط، الذي بالضرورة سينضب بعد جيل أو جيلين. وبالتالي، فتطوير الفرد هو الاستثمار المستقبلي الناجح للمواطن وللديرة.

***
     لو تحدثنا عن التنمية عامة، البشرية، المستدامة، وغيرها، كخصوصية كويتية آنية، فسنجد أننا كمواطنين نطمح في مستوى عال من كل أشكال هذه التنمية وعناصرها المختلفة.

      لو نظرنا بدقة إلى التنمية الصحية، فهي اليوم تكاد تكون بطيئة، إن لم تكن منسية. أما تحقيق الديموقراطية، والإيمان بها، وتفعيلها بالشكل الصحيح، فهي اليوم تشكو من فراغ سياسي، تشريعي، تنظيمي، بمعنى شبه غائبة، تاركة كل شيء في الديرة على البركة، أو على ساحة الإرادة.

      الاهتمام بالأوضاع السكنية للمواطن، وذلك بتوفير سكن مريح له ولأسرته الشابة، وبناء المدن الجديدة التي أصبحت كعين عذاري «تروي البعيد وتخلي القريب»، بصراحة نسمع بها كثيراً، ونقرأ عنها أكثر، لكنها معطّلة، فيبدو أن الخطة الإسكانية تحاكي السلحفاة بمشيتها.

     التعليم .. «هناك غصة»، فلا تزال المناهج تفتقد التطوير والتحديث، وعناصر التكنولوجيا المتطورة

       أما تطوير الأساليب الإدارية، وتطوير أداء الموظفين لرفع مهاراتهم الفنية والإدارية، فكيف تحدث التنمية في غياب وسائل التكنولوجيا الحديثة والمعلومات المطلوبة، كما أن قرار تفعيل وتطبيق نظام البصمة للموظفين في الحكومة لا يزال تطبيقه في معظم المؤسسات الحكومية متأرجحاً، بطيئاً.

    لو نظرنا عن قرب إلى التنمية الثقافية في الديرة، فهي آخر «هم» حكومتنا الرشيدة ومجلس أمتنا الموقر، والمؤسسات الثقافية العامة والخاصة، فهي عنصر دخيل لا يهم الجميع.


     هجر الحياة الاستهلاكية، وإيجاد فرص عمل مهنية وحرفية للشباب بتفعيل المشاريع الصغيرة مثلاً.. كيف يحدث هذا ولا يزال أغلبنا كمواطنين يقترض من البنوك لينفق على المواد الاستهلاكية والترفيهية على أمل أن تسارع الدولة لتسديد أقساطه المتعثرة، أو تهافته على تسجيل اسمه في صندوق المعسرين.


***

     يا جماعة الخير، التنمية عامة، يراد لها مواطن طموح، منتج لا مستهلك فقط، متحرك، إيجابي، وحكومة مسؤولة ذات خطط مستقبلية تنموية منهجية، متطورة سريعة التنفيذ، ومجلس أمة يعمل ليشرّع بالحق والعدل، ويراقب بعين قادرة، فاحصة، حكيمة.

     هذه حالنا، فكيف نساهم في خلق وتشكيل إنسان الغد، الطموح الواعي، القوي المتماسك، الذي يستطيع أن يقاوم التحديات العالمية التي تحيط به/بنا اليوم من كل حدب وصوب، والقادر على تحقيق التعايش مع الوضع العالمي المقبل، الذي نجهل أبعاده، ومتغيراته الجغرافية والسياسية وغيرها؟
تم النشر في 2012/10/ 04

منى الشافعي

جريدة القبس

Monday, October 01, 2012

قراءة في رواية " ... يطالبني بالرقصة كاملة "



قراءة في رواية " ... يطالبني بالرقصة كاملة "

للروائية منى الشافعي
         منى الشافعي تبوح بالصراع النفسي النسائي على حب آدم

رؤية سهام سالم
********

أصدرت أخيرا الكاتبة الروائية منى الشافعي الطبعة الأولى أحدث رواياتها، بعنوان «يطالبني بالرقصة كاملة» عن «دار الوطن»، والرواية من ثلاثة فصول، الأول بعنوان «بينما كانت غافية» والثاني «اشتهي دفء الشمس»، والثالث «مازلت أتعلم الخطوات»، وتدور أحداثها بين ثلاثة شخوص، في مثلث الدرامي، حيث الصراع النفسي، والحوار الداخلي.

ترسم الشافعي في الفصل الأول احدى شخصياتها، وهي فوزية التي تستعرض من خلال شريط ذكرياتها ملامح العلاقة بينها كاحد أضلع مثلث الصراع المبطن، وبين يوسف زوج نورة صديقتها الوحيدة، الذي أصبح زوجها، بعد دخول نورة صديقتها الوحيدة في غيبوبتها الطويلة، وقد كانت تربطهما علاقة محبة عميقة، على الرغم من اختلاف صفاتهما الواضح شكلا، وموضوعا..فوزية شقراء، وعيونها ملونة، ونورة سمراء..فوزية تبتعد عن الرجال، تتجنب نظرات الاعجاب، في حين نورة تتدفق بالحيوية، متوقدة، متحمسة، لاتنقصها الشجاعة ولا الجرأة، تستجيب الى كل تلميح من معجب، أونظرة من رجل وسيم، ثم تسرد لنا فوزية كيف التقت هي وصديقتها نورة، يوسف، ثم هروبها من النظرة والتلميح، الذي قابلته جرأة وشجاعة من نورة، ليخطب يوسف نورة، ويتزوجها في أقل من شهرين!

شريط الذكريات

ومن خلال الذكريات تطلعنا فوزية على الأسباب الجوهرية التي جعلتها ترتبط بيوسف سريعا فتقول: «كنت وصديقتي الأغلى نورة مختلفتين شكلا وفكرا، لكننا بهذا الاختلاف المتوازي استطعنا ان نؤسس صداقة جميلة رائعة، ومع هذا لا يخلو الاختلاف من بعض الصفات المشتركة وان كانت قليلة، ولكن يبدو أنها قوية جدا، فهذا القليل المشترك هو الذي دفعني للاعجاب بيوسف، ثم التعلق به» وبعد افاقة نورة من الغيبوبة، وفي لجة الصمت الذي خيم على ثلاثتهم، تحاصر فوزية الاسئلة، فتسأل نفسها: «هل أخطأت حين أحببت يوسف وتزوجته أم كان حبي له امتدادا لحبها......لا ادري؟»!! تعاني فوزية من الصمت المفروض عليها، فلا تملك الا الحوار الداخلي المتولد من الصراع النفسي الذي تعانيه، فتقول: «يبدو ان الصمت أصبح ثوبا جميلا مزركشا، نستحلي لباسه كل صباح، وحين تقترب العتمة، ونغلق الباب على وحدتنا المميتة، نخلعه، لنتحدث مع أنفسنا اللاهثة القلقة».

البوح النسائي

تقترب الكاتبة من البوح النسائي والمشاعر الخاصة والحميمة، عندما تطلعنا على لسان فوزية تقول: «خمسة عشر عاما كان لي، وكنت له قلبا وجسدا، كأنني بدأت أفقد حياتي حين استفاقت صديقة طفولتي وصباي من غفوتها، وغيبوبتها، كانت أحلامنا متقاربة ومتداخلة، لا أدري لماذا اليوم أشعر بأن أحلامي قد غادر تني؟!!، ياااه..ما هذا الاحساس الجديد الذي بدأ يغزو تفكيري؟!! آووه»..

ومن خلال استدعاء الذاكرة نعرف ان فوزية كشخصية منفردة كانت تحب عبد الحليم، وتحفظ أغانيه، ولكنها تذوب في شخصية يوسف، وعشقه أغاني فيروز، وهي قارئة، فتذكر أنها تقرأ لكتاب عالميين أمثال باولو كويللو، والكتاب المحليين مثل رواية «صمت يتمدد» للدكتور سليمان الشطي

وفي نهاية حوار طويل مع النفس، مع وضع كل الاحتمالات: ترك البيت، أوالسكوت واهدار الكرامة، أو الرفض، ولكن لا مفر من المواجهة، فهل تملك فوزية الجرأة للتعبير عن رأيها؟! حيث تقول:" ما أحسه، وأشعر به يجب ألا يكون ثلاثة في مؤسسة الزواج، لان بالشراكة الثلاثية حتما سيشعر أحدهم بأنه مهمل"


حيرة وأمل

وفي الفصل الثاني، تسرد لنا الكاتبة مايواجهه يوسف من حيرة، مابين نظرات العتب في عيني نورة زوجته التي أفاقت من الغيبوبة، لتجده متزوجا بغيرها، وما بين شوق فوزية، ورغبته الملحة فيها، فيبتعد عنهما روحا، وجسدا، وينام وحيدا في غرفة مكتبه، ما بين الأغاني والكتب التي يحاول ان يقرأها، ولكنه لا يفهم منها شيئا، فيحاول ان يجد في الموسيقى الكلاسيكية لبيتهوفن ما يهدئ روعه، ويستعيد توازنه النفسي، ولكنه يتململ، ويطفئ الجهاز..الصمت يحاصره، فيعجز عن المواجهة، ويقع فريسة للصراع الداخلي، فنجده يحادث نفسه، ويقول: «انها أمنيات ان نلتقي معا نحن الثلاثة على بوابة ذلك السور، وندلف منه معا، وسيغلق ماضينا كل أبوابه، وسنفتح نوافذ جديدة، تشكل لنا سيمفونية حب رائعة لم يؤلفها بيتهوفن، ولم يعزفها موزارت، لكن لماذا تكون الحياة على شكل أيام وسنوات؟ ولماذا لايكون لنا نحن الثلاثة عالم جديد، وبذرة حب مشتركة نزرعها لعمر قادم؟"

انني احترق

*******

أما في الفصل الثالث، فتصور الشافعي كيف أفاقت نورة من غيبوبتها الطويلة، فوجدت زوجها يوسف متزوجا من صديقتها الوحيدة، ورفيقة روحها، فوزية..فتسيطر عليها ذكرياتها معها، ومع يوسف، وتطبق الغيرة عليها من كل جانب، فتحدث نفسها: «زواج يوسف منها يطعنني بقوة لا احتملها، يعيدني الى أوجاع غيبوبتي، أشعر بثورة في داخلي، أتمنى ان أصرخ في وجه يوسف بكل ضعفي، ووهني، أوجع فوزية ضربا، وركلا حتى أمزق ملابسها، ولكن..هل أقدر على ان أمارس هذه الجرأة؟!"

الكر والفر من الذكريات، كانا موزعة مابين حبها الشديد لفوزية صديقة الطفولة، وشريكة الذكريات الحلوة، فهي لا تنسى وقفتها الأخوية لها، ورعايتها عقب خروجها من مستشفى الولادة، فتقول: «بعد وفاة أمي الغالية نسيمة، الله يرحمها، أصبحت فوزية كل أهلي "

كانت تتمنى هي وفوزية ان يتزوجا في نفس اليوم، ونفس الرجل، حتى لايفترقا، ولا يوم..«أليست هذه أمنية طفولتنا ومراهقتنا، وأعتقد أنها لا تزال؟!"

تقرر نورة شق الصمت، وتعلن عن رفضها لهذا الوضع، قائلة: «غدا صباحا سينكشف الجواب، سأكون الأشجع، وسأتحدث بجرأة حتى قبل صباح الخير، وصباح النور، متى تأتي أيها الصباح الأنيق، انني احترق..انني انتظر؟!!"


الوجه الآخر


تتخذ الرواية بعدا دراميا من خلال الصراع النفسي، والوجودي لدى الشخصيات الثلاث، بينما يستتر الصراع الفكري وراء الحدث الأكبر مابين الغيبوبة، والافاقة، في زمن لا يستهان به، اذ تواجه كل شخصية عوامل التغير والتطور فيها.

الكاتبة أوصلت القارئ - ولو بطريق غير مباشر- الى ان نورة هي الوجه الآخر لفوزية، من خلال هذا التناقض بين الهروب، والشجاعة..الخجل، والجرأة، ثم مع الارتباط بيوسف تذوب الشخصية الجريئة المتمثلة في نورة، لتصبح أكثر استسلاما في شخصية فوزية، ومع مرور الوقت، وربما بالقراءة، والثقافة، تصحو نورة من غيبوبتها، التي تمثلها فوزية الذائبة في حبها ليوسف.

وعلى هذا الأساس، يتضمن البناء الدرامي للرواية التحول الذي لايستطيع يوسف تقبله، ويقع الثلاثة في حب الصمت، وعشقه، غير ان الحيرة والقلق ينموان بينهما، وعلى هذا الأساس عندما تصحو أحلام فوزية، وتبدأ في البحث عن ذاتها المفقودة، تستفيق نورة الجريئة الرافضة لمحاولة محو ذاتها في أي قالب كان، حتى ولوكانت المسافة والزمن الذي قطعتهما في حب يوسف عمرهما خمسة عشر عاما فهي مازالت تتعلم خطواتها الأولى.

********

العناوين الجانبية :

الكاتبة أوصلت القارئ إن نورة الوجه الآخر لفوزية ومع الارتباط بيوسف تذوب جرأة الأولى لتصبح أكثر استسلاماً في شخصية صديقته.

هل سيشعر أحد في مؤسسة الزواج الثلاثية بأنه مهمل أم يعيش الرجل بين زوجتيه عالما جديداً وبذرة حب مشتركة لعمر قادم. 

 الرواية تتخذ بعداً درامياً بصراع الوجود بين الشخصيات الثلاث بينما يستتر الصراع الفكري وراء الحدث الأكبر مابين الغيبوبة والافاقة .


جريدة الوطن في يوم الأحد 30 سبتمبر 2012