برنسيس إيكاروس

Monday, February 13, 2017

.. بينالي سعاد الصباح


.. بينالي سعاد الصباح !
***
    تبيّن الدراسات الاجتماعية أن المجتمع في حاجة دائماً إلى تنمية القوى البشرية ثقافياً في أركان ثلاثة هي؛ المبدع، الجمهور المشارك/ المتلقي، الراعي والمنشّط الثقافي. وكل هذه الأركان تحتاج الى رعاية من نوع خاص، خاصة القوى المبدعة التي تمثّل الثروة البشرية الوطنية، التي تحتاج إعداداً وتعهداً ورعاية، سواء من المؤسسات العامة أو الخاصة.
     وإذا تحقق للمبدع – مفكر، عالم، فنان، أديب – كل هذا الاهتمام والعطاء السخي، والاحتضان الفاعل، والرعاية الدائمة، والتشجيع المستمر للمزيد من إنتاجه الابداعي، فحتماً سيسهم المبدع وأعماله في تحريك التنمية الثقافية الإبداعية في كل مجالاتها في مجتمعه، التي بالضرورة سيستفيد المجتمع منها ويتطور حضارياً.
***
     أسعدني الحظ أن أكون إحدى المدعوات، لليلة الاحتفاء ببينالي د.سعاد الصباح للفن التشكيلي العربي، وتكريم الفائزين، التي أقيمت مؤخراً في مبنى الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية، وذلك بحضور ورعاية د.سعاد الصباح.
      يقول الأستاذ عبد الرسول سلمان رئيس الجمعية بكلمته: «..هذا البينالي أقيم بهدف تحفيز المنافسة الفنية بين المبدعين العرب وتشجيعاً من د.سعاد الصباح للفن التشكيلي العربي، الذي يعتبر أبجدية عالمية لفهم الحياة.. كما أعرب عن فخره واعتزازه برعايتها لهذا الحدث الكبير»، وأضاف أن «د.سعاد الصباح من أهم الرموز الادبية والثقافية في العالم العربي وستظل ظاهرة في جبين الثقافة العربية والعالمية».
       بينما قالت د.سعاد الصباح في كلمتها الأنيقة الرائعة: «..الأحباء، يا أصحاب القلوب الملونة بالبهجة والحكمة والطيش والحب.. أعبّر لكم أولاً عن امتناني لحضوركم وقبولكم أن تكونوا معنا لنرسم معاً حلماً جديداً.. نذهب به إلى حدود الشمس.. لا نريد واقعاً باهتاً ومحزناً ومتعباً، بل واقعاً يشبه أحلامنا، ويعكس ما في أرواحنا من انعتاق وحرية وطفولة وحياة، فتعالوا نهرب معاً إلى الحلم».
***
     أما التجول في المعرض الفني التشكيلي الذي احتضن رؤى ذاتية، وريشْاً متعددة الألوان والأشكال، وابتكارات فنية متجددة تحاكي الروح، والقلب، والعقل بموسيقى لونية جذابة، وبساطة رمزية عميقة المعنى، وجماليات مشعّة لكل عناصر الحياة الحية والمتخيلة، لأعمال 61 فناناً عربياً – من الجنسين – فقد كان ممتعاً وحلماً قد تحقق بفضل القائمين عليه، رعاية وإعداداً وإنتاجاً، وبحضور الجمهور الكثيف المتعطش للفرح والتنوع الثقافي، فنحن شعب يعشق الفرح ، يشجع الفن بكل صوره الراقية، ويستدعي التحضر، ويرنو للتجديد والتطوير.
     تحية للدكتورة سعاد الصباح، وتحية للجمعية الكويتية للفنون التشكيلية، على هذه الليلة الملونة بالفرح والمسكونة بالبهجة، وتهنئة من القلب للفنانين الفائزين والمشاركين، الذين أثروا هذه الليلة بإبداعهم، وساهموا في نجاح هذا المهرجان الفني المتميز!
منى الشافعي
جريدة القبس 13 فبراير 2017

تحية للدكتور خالد المنيف ومرحلته الملكية


تحية للدكتور خالد المنيف ومرحلته الملكية !
***
     من أجمل ما قرأت مقال للدكتور خالد المنيف، يحمل عنوان «المرحلة الملكية». وهذه مقتطفات رائعة من المقال: «مع تصرُّم السنين وتوالي الأعوام سيصل بعض البشر لمرحلة من النضج تدعى «المرحلة الملكية»، وكلمة «الملكية» ترمز إلى أمرين جميلين، أولهما فخامة المرحلة وروعتها، والأمر الثاني يعني أن حياتك ستكون ملكاً لك، وستهنأ فيها بممتلكات واسعة من الفرح وراحة البال!».
     وهذه مختصرات: «هي مرحلة يمتلك فيها الإنسان حياته/ تتسع فيها المدارك/ يتسع فيها الصدر/ لن تتورط في جدالات تافهة/ لن تعطي توافه الأمور أكثر من قدرها/ لن تؤجر عقلك لأحد/ لن تجعل من يفكر عنك/ لن يزعجك صوت طفل/ لن تهدر ما تبقى من عمرك في البحث عن الأحسن/ ستدرك أنك المسؤول عن صحتك/ لن تتتبع أخبار الناس».. ثم يضيف: «وأخيراً.. لماذا تنتظر مرحلة عمرية معينة حتى تنعم «بالمرحلة الملكية».. خذ بها من الآن.. وانعم بالمرحلة الملكية، وأنت في ظل الشباب، وربيع العمر لتعيش حياة فخمة تليق بك!».
***
     فعلاً د. خالد كلامك ذهب، فأغلبنا لم ينتبه، إن لم يكن كلنا، إلى هذه المرحلة الرائعة، إلا بعد أن سكنتنا الكهولة بكل تغيراتها ومتطلباتها النفسية والجسدية. ولكن لنبحث عن الأسباب التي ألهتنا حتى تناسينا الالتفات إلى أنفسنا. ولو استمرت هذه الأسباب، فسوف نغادر الحياة ولم نصل الى المرحلة الملكية الصافية الهادئة المريحة.
نعتقد أن الإيقاع السريع لحركة الحياة اليومية في ظل العولمة ساعد بشكل أو بآخر على أن يصبح القلق إحدى أكبر آفات هذا العصر وسبباً رئيسياً لمشاكله؛ الكل يعاني منه ومن الخوف والضجر تبعا لهذا الزمن الضبابي الذي استطال وتمدد حولنا.
وبالتالي، أصبح إنسان هذا العصر يعيش صراعات نفسية تربكه وتوتر أعصابه في كل ما يدور من منغصات حياتية، وضغوطات تزداد ثقلاً على كاهله يوماً بعد آخر، فتارة تصافحه تلك التكنولوجيا الحديثة المتسارعة التي غزت حياته بإيجابياتها وسلبياتها وتفاعله معها بشكل يومي، وتارة تصفعه يومياً نشرات الأخبار عن الحروب العدمية، والنزاعات الطائفية، وغيرها تزيده معاناة ورعباً، بحيث لا يستطيع أن ينسلخ من نسيج هذا العالم الملتف بقوة حوله.
     وهنا يتشكل خوفه من المستقبل وما هو آت. ناهيك عن المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المحلية والعالمية، وحتى النزاعات الجغرافية وغيرها من هموم الحياة وضغوطاتها التي تصادف إنسان هذا العصر يومياً.
وبالتالي، أصبح بلا متعة تؤنسه، ولا روح مرحة تفرحه، ولا ابتسامة ترطب يباس يومه. كل هذه الأمور والعوامل والمنغصات خطفت منه المرحلة الملكية، وصادرت جمالها وروعتها في شبابه.
    تحية للدكتور خالد المنيف على هذا التنبيه، ولتكن مراحل حياتكم جميعاً «ملكية»!    

منى الشافعي
جريدة القبس  9 فبراير 2017