برنسيس إيكاروس

Monday, June 22, 2009

ارتداد


بريشة منى الشافعي


قصة قصيرة





بقلم ماري هينسي

ترجمة منى الشافعي




ــ لماذا؟
ــ انتهى.. أنجيلا.. كل شيء انتهى
ــ لكنني أحتاجك
ــ تحتاجينني.
قالها جورج بتهكم.
ــ سأموت من غيرك.
يربت جورج على يدها.. يردد بثقة:
ــ ستعيشين يا فتاتي العزيزة.. أعرفك جيدا..
أتدرين.. بعبارة أخرى ستنجحين.
نهض.. قبَّلها ومضى.
سحبت أنجيلا نفسا عميقا.. تابعته نظراتها وهو يمر قرب نادل المقهى، ذلك الشاب الذي لم تلاحظ وسامته الطاغية قبل هذه اللحظة.
ثم...
ــ لو.. سمحت؟
قالتها بشيء من الخجل، بدلع أنثوي.

***************



Sunday, June 07, 2009

مقابلة منى الشافعي في جريدة الجريدة









الأديبة منى الشافعي: أعيش زمن الرومنسيّة الجميل




حاورها آدم يوسف من جريدة الجريدة





أصدرت الأديبة الكويتية منى الشافعي أكثر من تسعة كتب أدبية وعرفها القراء من خلال مجموعات قصصية عدة، من بينها: «النخلة ورائحة الهيل»، «أشياء غريبة تحدث»، و{دراما الحواس». انتقلت أخيراً إلى عالم الرواية من خلال إصدارها الأخير «ليلة الجنون». «الجريدة» التقتها وكان معها الحوار التالي
بعد خمس مجموعات قصصية، كيف وجدت تجربة الانتقال الى عالم الرواية؟
جميلة وممتعة ولها نكهة مختلفة. وأمر متوقع من المبدع خوض هذا النوع الأدبي، أليست الفنون متصلة ومكملة ومتداخلة، فكيف بالأدب؟ كانت ثمة فكرة تدور في ذهني وعندما اختمرت شعرت برغبة ملحة في الكتابة، وحين بدأت أكتب عرفت أن هذه الفكرة أكبر من أن تستوعبها قصة قصيرة، فأصبحت رواية. توسعت في الموضوع، فرأيت الحياة وتفاصيلها، ودقائق أمورها من زاوية أدبية أخرى، فثمة قضايا اجتماعية وإنسانية لا تُختصر بقصة قصيرة
لم اخترتِ فضاء جامعة الكويت محوراً لأحداث روايتك؟
الجامعة جزء من المجتمع الكويتي ومن الأعضاء المهمة والمؤثرة في جسد ذلك المجتمع. فلماذا لا يختارها المبدعون لتكون محوراً ثرياً دسماً لرواية أو قصة أو قصيدة أو مسرحية.
جامعة الكويت بطلة روايتي، فبين مبانيها المتفرقة والمتباعدة، وأروقة كلياتها وإداراتها تنقلت ما يزيد على 28 سنة كموظفة وكطالبة، ما جعلني أعاصر أحداثاً وتحولات ومتغيرات أكاديمية واجتماعية يومية كثيرة في هذا المكان الجميل الذي أحببته وتعلقت به
وهكذا تكوَّن لدي مخزون ثري من الأمور الحياتية اليومية المختلفة من قصص وحكايات كانت تدور حولي. فكنت عيناً راصدة لهذه المواقف، وبالتالي احتل هذا المخزون الجميل مساحة كبيرة في ذاكرتي، وحين عجزَت الأخيرة عن حمله، سكبتُه ألواناً مشرقة ليزيّن بياض دفاتري. انطلاقاً من ذلك استمديتُ الجزء الواقعي في الرواية من مواقف وأحداث وتحوّلات ذلك المجتمع الصغير الذي لم يكن بمعزل عن مجتمع الديرة الكبير. أما الأجزاء الخيالية التي ازدحمت بها الرواية فما هي إلا أحداث ومواقف وعبارات ومعان رسمها ذهني وأملاها عليّ قلبي
الكاتب ابن بيئته ومجتمعه، لذا جاءت كتاباتي تحاكي الواقع المعيوش وتلامس معطياته ومتطلباته وتنمو مع تحوّلاته وصوره الحياتية كلها، وما «ليلة الجنون» إلا واحدة من صور عدة موجودة في داخلي، أفرزها ارتباطي الطويل بالمجتمع الجامعي
ستجد في الرواية إشارات الى بعض المشاكل والظواهر والحالات التي مرت على المجتمع الكويتي ولا تزال تتكرر، منها مثلاً الطلاق والعنوسة، ومشكلة الاختلاط أو عدمه في الحرم الجامعي، متأرجحة بين الرفض أو القبول من فئات المجتمع الكويتي.
تبدو الرواية في كثير من جوانبها وكأنها تداعيات بطلة القصة الداخلية، ألا يقلّل ذلك من مساحة الحدث فيها؟
في الرواية تداعيات داخلية للبطلة، وأفكار متداعية من الذاكرة كرذاذ المطر، ووعي بين اليقظة والإغفاءة. هذا التكنيك مدرسةٌ كان من طلابها وليم فوغنر وجيمس جويس وفرجينيا وولف وغيرهم. كذلك، لا تخلو الرواية من أحداث كثيرة وصور متعددة وبالتالي لم يقلّل هذا التكنيك أبداً من مساحة الحدث فيها. القارئ ذكي وفطن وسيلتقط خيوط الرواية كاملة من دون جهد.
كيف جاءتك فكرة الاستعانة بقصائد الشاعرة سعدية مفرح في الرواية؟
الفكرة لم تأتِ من فراغ، فأنا من المتابعات والمعجبات بإنتاج الشاعرة سعدية مفرح الأدبي الرائع، وبالتالي كنت متشبّعة بأجواء قصائدها، لذلك وجدت نفسي أنتقي بعض القصائد من دواوينها المتنوعة التي تتماشى مع أحداث الرواية وتؤدي الغرض. وقصائد المبدعة مفرح هي الأقرب الى أجواء روايتي، وأنا أشكرها لأنها أطلقتني بحرية أرفرف في فضاءات إبداعها الشعري أختار ما أريد وأشتهي
ثمة شخصية داخلية تتولى أدارة «المونولوغ» بينها وبين بطلة الرواية «سارة»، لمَ لجأتِ الى هذه التقنية؟
لم ألجأ الى هذه التقنية إنما هي التي لجأت اليّ بغفلة مني، أي أن المبدع يملي عليه ذهنه وقلبه كل كلمة يكتبها، والشكل أو اللون الذي سيكون عليه العمل الإبداعي. روايتي هي التي اختارت شكلها وتقنيّتها وحددت لونها
علاقات غرام واشتباكات عاطفية معقّدة بين أبطال الرواية، هل تعيدين زمن الرومنسيّة الجميل؟
هل فقدنا هذا الزمن الجميل؟ ربما لا أدري. من جهتي أنا لم أفقده، فالرومنسية هي أجمل كلمة تتصدر قواميسي وتلتصق بحيوية بذاكرتي، فحين بدأت بكتابة الرواية كنت أتابع تلك الكلمة الجميلة تقفز بغنج ودلال بين السطور، تعلن عن حضورها البهي. لم أستطع تجاهل طلتها الرقيقة،



فدعوتها لتحيي معي الزمن المفقود كما اعتبرتُه أنت، وهنا يحضرني فيلم



Love Story



الذي أنتجته هوليوود في أوائل السبعينات من القرن الماضي، ولاقى نجاحاً هائلاً غير متوقع سببه أن الناس كانت متعطشة الى مثل هذه الأعمال التي تحرّك المشاعر وتوقظ الأحاسيس الغافية والرومنسية المفقودة، لذا في ظل الوضع العالمي الأليم الراهن، والمحلي المتأزم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً نحن في حاجة ملحّة الى أعمال رومنسية تمتعنا وتسعدنا وترهف وجداننا. كثير من القراء وسم روايتي بالرومنسية الحالمة وهذا أمر يسعدني، فأنا إنسانة حالمة أردد دائماً عبارة «في البدء كان الحب
اختلاف المذهب كان سبباً رئيساً في تعثّر زواج بطلة الرواية «سارة» من حبيبها خالد، هل تطرحين مشكلة الطائفية في المجتمع المحلي؟
نعم. فكرة الرواية الأساسية بُنيت على مشكلة الطائفية في المجتمع المحلي. فاختلاف المذهب يشكّل عند البعض كارثة خصوصاً في الزواج، وثمة قصص حقيقية تحصل يومياً. أتمنى أن تختفي هذه الأوهام في مجتمعنا الصغير كيلا تنفطر قلوب الصبايا والشباب، لأن الارتباط العاطفي لا يعترف بوجود الفوارق المذهبية والاجتماعية والطبقية والعلمية أو حتى الدينية فالحب أمر جميل وشفاف، يخترق المشاعر ويحرك الأحاسيس بغفلة عن تلك الفوارق كلها. فلماذا نغفل وجوده ونزفّه الى الموت، ألسنا كلنا أبناء آدم وحواء؟
كيف ترين المشهد الثقافي في الكويت؟
الثقافة كلمة راقية وجميلة، ذات دلالات متعددة والكتابة عنها ممتعة وقد أصبحت في الآونة الأخيرة أكثر شيوعاً وتُستخدم في مناحي الحياة العصرية كافة. في الوقت نفسه هي من أكثر المصطلحات صعوبة كونها كلمة مطاطة لا تنحصر في تعريف معين ومحدد، لأن مفهوم الثقافة أخذ يتنامى ويتكاثر ويتنوع بدرجة لافتة ليمتد الى كل شيء في الحياة الإنسانية. فالثقافة عملية متجددة دائماً لا تنتهي أبداً. بالتالي، أستطيع القول إنّ ثمة حراكاً ثقافياً منتعشاً ومنفتحاً في جميع الاتجاهات، الفكرية والعلمية والسياسية والاقتصادية والمالية والإعلامية والأدبية والفنية وغيرها، وفي طريقة الحياة الكويتية. هذا الازدحام الثقافي المستمر والمواكب للمتغيرات والتحولات العالمية والعربية يظهر واضحاً في أنشطة المؤسسات والجمعيات المختلفة، ولا ننسَ هنا معارض الكتب السنوية ومهرجان القرين السنوي وأنشطة مؤسسة البابطين المختلفة. كذلك يتزيّن المشهد الثقافي في الكويت بإصداراته الثقافية ومنها مجلات: «العربي» و{الكويت» و<عالم الفكر»و عالم المعرفة» وغيرها من الإصدارات والكتب المتخصصة، ناهيك عن الصحف اليومية والإعلام المرئي والمسموع الذي أثرى الحياة الثقافية بتنوّعاته على رغم هذا كله، لا نغفل وجود مضايقات ومنغّصات وعثرات أخذت تعبث بجسد الثقافة فتؤلمه، ومساحة الحرية تضيق بدلاً من أن تتسع، وثمة من أخذ يحاسب هذه الأنشطة الثقافية على كلمة غير مقصودة أو لفتة يعتبرها خارج نطاق تغطيته الفكرية. ولا ننسَ أبدا أن الثقافة في الكويت بنواحيها وتراكماتها كلها، ليست حالة طارئة أو وافدة أو وليدة مرحلة، إنما هي أصيلة وجزء من تاريخ الكويت الطويل. ولو اطلعت على كتاب الدكتور خليفة الوقيان «الثقافة في الكويت» ستعرف جيداً بواكير الثقافة الكويتية واتجاهاتها ورياداتها قرأنا أخيراً عن إصدارات أدبية كثيرة، كيف تقرئين ذلك؟
هذا الأمر يدعو الى السعادة والرضا والفخر، ويدل على حراك أدبي متنوع ومستمر عبر الأجيال. شخصياً، أنا مستمتعة بسلة فاكهة متنوّعة النكهات والأشكال والألوان، فكلما قرأت رواية أدهشتني أخرى وكلما استمتعت بقصة شدّتني قصيدة ناهيك عن الأبحاث الأدبية الثرية المتعددة الاتجاهات، والتراثية الغنية
وأفرح أكثر حين أقرأ إصدارات الشباب ذات النكهات اللذيذة لغةً وأسلوباً وفكراً وقيمةً وتكنيكاً متطوراً وحداثة مقبولة. فتلك الأقلام الحلوة تساهم اليوم بكفاءة في وضع أو إضافة سمات جديدة للأدب الكويتي. وقد امتاز الأدب الكويتي منذ ولادته بهوية خاصة تميّزه، خصوصاً أن غالبية الأدباء اهتمت كثيراً بالمكان والزمان، وهكذا ظل هذا الإنتاج الأدبي ينمو ويتطور مع تطور الكويت، يغوص في أجواء الماضي البعيد والقريب والحاضر، وهذا بحدّ ذاته رصد جميل وذو قيمة تاريخية وحضارية
أنا متفائلة بهذا النبض المستمر ومطمئنة لهذا الدفق السلس المتنوّع للأدباء الشباب والكبار، بمعنى أن الحياة لم تنقطع عن الجسد الأدبي الكويتي وإن شاء الله ستستمر