برنسيس إيكاروس

Monday, October 26, 2009

الأمنية

بريشة منى الشافعي
*****
بقلم روس بارسونس

ترجمة منى الشافعي



يشع المساء.. ينقشع الضباب، عن شخصين يسيران على ذلك الشاطئ الرملي
:يردد
ــ لا أعرف كيف أفهم النساء؟
ــ هل حقاً تريد أن تعرف؟
ــ نعم.. أتمنى ذلك بشدة
ــ إذن.. ليكن
وحين وشوشته في أذنه.. تبلور الفهم/الإدراك في عينيه كهشيم الزجاج
ركض وهو يصرخ في عتمة الليل

Monday, October 05, 2009

كيم

بريشة منى الشافعي
****

بقلم روبرت دومنغبز وترجمة منى الشافعي
***********************************


في سباق السنة الابتدائية الأولى، الذي أقيم في مزرعة جميلة خضراء، خلال فترة الاستراحة.. كانت كيم بابتسامتها الرقيقة المشرقة، وشعرها الذهبي المعقوص على شكل ذيل حصان، وأنا الأسرع في هذا السباق
في إحدى المرات تسابقنا معا في حديقة منزلها، لا أتذكر مَنْ م.نَا كان الفائز
بعد سنوات قليلة، توفيت كيم، إثر مرض لا أستطيع ان أتلفظه

ذهبت كيم.. وما زلت الى الآن أركض معها
******

Sunday, October 04, 2009

حدائق بوتشار غاردن .. الجمال والأناقة
















































































































































































بقلم وعدسة: منى الشافعي

*****
تقع حدائق بوتشار غاردن ع‍لى مسافة 20 كلم، شمال مدينة فكتوريا عاصمة ولاية برتش كولومبيا في غرب كندا.
قامت ببناء تلك الحدائق جينين بوتشار زوجة روبرت بيم بوتشار، الذي كان يملك متجرا ومصنعا للاسنمت وذلك عام 1904.
بنيت الحدائق على مساحة 25 هتكارا، وقد استغلت جينين التراب الزراعي الذي يتخلف من مصنع الاسمنت الذي يمتلكه زوجها في عملية الزراعة.. اما اول من اثار اهتمامها بالزارعة فقد كان زوجها، الذي احضر لها الكثير من انواع الازهار والنباتات الغريبة من خارج كندا، وبدأت بزراعة حديقتها، ونجحت تلك التجربة، وامتدت بعد ذلك لسنوات تحت رعايتها واشرافها وذوقها، لتصبح اخيرا تلك الحدائق الرائعة، وعند موتها، تولت اسرتها الاهتمام بتلك الحدائق حتى يومنا هذا، فقد تعهدها حفيد العائلة إيان روس. وهكذا منذ عام 1904 وحدائق بوتشار غاردن ترحب بالزائرين والسياح طوال ايام السنة.
تحتوي الحدائق على كل ما هو جديد وجميل وغريب في عالم الزهور والنباتات والشجيرات والاشجار الباسقة النضرة.. والجميل ان الملامح الشخصية لجينين بوتشار لا تزال باقية وثابتة، كما كانت قبل قرن، وذلك من خلال التصاميم الخاصة للحدائق واختيار النباتات، وطريقة ترتيب الزهور فيها، لدرجة ان هذه الحدائق تعكس بشكل عام الرونق والذوق وبعض الامور الاخرى التي تتمتع بها الحدائق ذات الرعاية الشخصية المتفردة، وذلك احتراما لرغبة السيدة بوتشار والاحتفاظ بطريقتها.

الزيارة
كانت زيارتي الاولى لحدائق بوتشار غاردن قبل اكثر من عشرين عاما، واخرها قبل اقل من عام، ولقد اعجبتني وابهرتني لدرجة انني قضيت ثلاثة ايام في التجول بين حدائقها المختلفة، والاماكن الترفيهية الاخرى من مطاعم ومقاه واستراحات ومحلات لبيع الهدايا والزهور، وتتالت زياراتي الاخرى لهذه الحدائق الرائعة في كل زياراتي لمدينة فكتوريا الجميلة، وفي كل مرة تبهرني تلك الحدائق وتجذبني للتجول بين اشكالها والوانها وشم روائح زهورها العطرية.
من اجمل فعاليات وانشطة تلك الحدائق التي تجذب اعدادا كبيرة من الزائرين والسياح، فعالية مساء الاحد، على مدى اشهر الصيف، حيث تقوم ادارة الحدائق باحتفالية مسائية مميزة للالعاب النارية تستمر لاكثر من ساعة متواصلة، تنير المكان والفضاءات القريبة والبعيدة، بحيث تشعل سماء مدينة فكتوريا كلها باضواء خلابة ملونة بألوان قوس قزح وبأشكال جميلة خرافية، تبهر حتى مرتادي الشوارع والطرقات، فتأمرهم بالوقوف للاستمتاع.. اجملها كان على شكل نجوم تتلألأ لتضيء السماء بأنوارها القوية.. وهكذا كنت احرص ع‍لى زيارة تلك الحدائق ايام الآحاد لاستمتع باحتفالية الالعاب النارية.

الحديقة المنخفضة
من أجمل الحدائق التي جذبتني وأعجبتني في المكان، هي الحديقة المنخفضة، والتي تنحدر مسافة خمسين قدما، إن منظرها جميل يخلب الأبصار بحيث تتنوع فيها أشكال وألوان الازهار والنباتات، أما الممرات والتعرجات فذات أشكال هندسية جميلة.
بالمناسبة، إن هذه الحديقة التي تفتح النفس وتمتعها، كانت قبل قرن مضى مكانا لاستخراج حجر الكلس المستخدم في صناعة الاسمنت، ولقد قامت السيدة بوتشار بتغطية جدران هذا المكان الذي أصبح حفرة او منحدرا، بنبات اللبلاب، كما قامت بتحويل الحفرة الى احواض زراعية متنوعة، تحيط بها مروج خضراء، وصفوف جميلة لأشكال وأنواع من الورود والزهور، والاشجار الممتدة.
هكذا استطاعت السيدة بوتشار ان تحول تلك الحفرة المهملة والارض الصخرية الى حديقة غناء بامتياز.
ومن الملاحظات الأخرى التي استوقفتني في تلك الحديقة، أن أحد جدران تلك الحفرة، ترك على شكله الطبيعي الصخري مما يظهر الاختلاف الشديد مع الجدران الأخرى المغطاة بنبات اللبلاب، إن هذا الاختلاف يشكل برهانا حيا وواضحا على مدى التحدي الذي واجهته ونجحت من خلاله السيدة بوتشار، إحدى نساء القرن الماضي، تحديدا في بدايته!
أما عام 1964، فقد شهد بناء نافورة «روس» احتفالا بذكرى مرور ستين عاما على انشاء حدائق بوتشار.
ومن أجمل المشاهد الليلية في تلك الحديقة المنخفضة، وخصوصا عند حلول المساء وبداية عتمة الليل، تضاء نافورة «روس» بأضواء متعددة الألوان، تضيف جوا من السحر والغموض والجمال على المكان وبشكل خاص على النافورة التي تتشكل بأشكال جميلة أخرى تجذب القريب والبعيد للاستمتاع بهذا العرض المشوق الجميل، الذي يبدأ كل ليلة خلال أشهر الصيف الممتدة من شهر مارس وحتى شهر سبتمبر.

الحدائق الأخرى
من الحدائق الأخرى الجميلة والممتعة والمتميزة، حديقة الورود والزهور، التي جمعت من بقاع العالم لتزين هذا المكان البهيج في مدينة فكتوريا، وليصبح بعد ذلك من أجمل حدائق الورود في كندا التي تستوقف الزوار وتجذب السياح من كل مكان. أما الحديقة الايطالية التي تستقبلك قبل الدخول إليها، بنافورة اسماك الكافيار الثلاثة، التي صنعت في مدينة فلورنسا الايطالية خصيصا لهذه الحديقة الأنيقة. وبعد مسافة قليلة وعند بوابة الحديقة، تصافحك بحيرة متميزة بشكلها الذي أقيم على شكل نجمة كبيرة جذابة، ثم تدهشك تلك السلسلة الطويلة من الأحواض الهندسية الصنع التي تحمل لمسة الفن الفلورنسي/ الايطالي، والتي تتزين بأشكال وألوان من الزهور والنباتات الإيطالية الأصل، تلك الحديقة المزدانة بأكثر من الجمال والأناقة الايطالية، كانت قبل قرن مضى ملعبا مخصصا للعبة التنس، وهناك ممشى متصل بالحديقة الايطالية، خصص لعرض الخرائط والكتيبات والصور للمراحل التأسيسية التي مرت بها حدائق بوتشارغاردن.
أما الحديقة اليابانية فتجذبك حمرة ألوانها وجمال أشكالها.

أماكن ترفيهية

يوجد في حدائق بوتشار مساحة شاسعة خضراء تقام عليها الاحتفالات الموسيقية، والتي كانت في الماضي مكانا لزراعة الفواكه الصيفية، كما توجد بحيرة وجزيرة صغيرة تقام عليها مساء كل يوم أحد الألعاب النارية، كما يوجد مبنى لمركز التعريف بالنباتات والزهور.، وبعده مباشرة تجد أكبر مطاعم الحديقة الذي يقدم أنواع الأطعمة العالمية، ثم هناك مطعم الأقحوان الأزرق الأنيق.
تتزين الحدائق بأنواع مختلفة من التماثيل أجملها تمثال برونزي للخنزير «تاكا»، وهو نسخة نادرة من التمثال الأصلي المصنوع من البورسلين والموجود في أحد اسواق مدينة فلورنسا الايطالية، وهذا التمثال يقع في الساحة الخضراء التي تطل عليها المطاعم والمقاهي، وبالتالي لن يغفله السائح أو الزائر.
كما يوجد في الحديقة ايضا البيت الزجاجي الخاص بعرض بعض النباتات والزهور الغريبة.
ومن أجمل الأماكن التي تجذب السياح والزوار في الحدائق محلات بيع الهدايا وبذور الزهور والنباتات، فتستطيع أن تشتري منه ما تريده من البذور، أما الهدايا فلا أحلى ولا أجمل.




















































************



































m_alshafei@hotmail.com


















































































































































Saturday, October 03, 2009




*****************************

في ديوانه " عندما لا أحد"

سامي القريني يريد أن يكمل شيئاً ناقصاً


****


بقلم: منى الشافعي






****






§ إن مفهوم الشعر عند سامي عبارة عن عناصر متداخلة من مواقف حياتية بسيطة مشحونة بالعواطف الملتهبة والأحاسيس الصادقة، والمشاعر الفياضة..



§ نصوصه ممتعة واهتمامه واضحاً بانتقاء مفرداته الجميلة المعبرة.. عنده غزارة لغوية وحيوية شبابية وهو واعٍ ومدرك.



§ كلمات القريني تلتمع بألوان قوس قزح.. تلك هي جزء من موهبته الإبداعية التي يحاول من خلالها أن يرسم النهار من فجره حتى غروبه..



*****************


سامي القريني الشاعر الذي عاش وتربى بين أحضان جنة الشعر، فكيف لا يكون شاعراً متميزاً، له بصمة تختلف!.. نعم إنه ابن الشاعرة الرائعة، صاحبة الكلمة الرشيقة، والفكرة الحرة، جنة القريني.


تألق هذا الشاب مذ كان صغيراً.. حيث سكنه الشعر في عمر الطفولة متأثراً بوالدته.. يفاجئك صغر سنه واتساع فكره.. وهكذا توالدت إبداعاته الشعرية الجميلة عاماً بعد آخر، لتحتويها ثلاثة دواوين أولها (كأني أرى شيئاً) و ثانيها ( شواطئ الكريستال) .. اما ديوانه الصادر عن الدار العربية للعلوم، ناشرون عام 2009، الموسوم (عندما لا أحد)، فلقد استوقفني ودفعني للكتابة.. بداية من الإهداء الذي يدمع القلوب الحساسة، وهو .. إلى جدتي في برزخها..



غيابك عني



يؤثث فيّ حضوراً لحزن قديم



وقربك مني






يُبروز جرحي اليتيم.






يقول القريني في افتتاحية الديوان (أريد أن أكمل شيئاً ناقصاً في ساحة الوجود).. نعم إن ساحة الوجود في حاجة إلى شباب مثل سامي تؤسس شيئاً جديداً، أو تكمل صورة الحياة الناقصة، حتى يكتمل حلم البشرية.. ولكن هل يكتمل الحلم؟!






تدهشك تلك التجربة الشعرية الناضجة التي قدمها سامي، من خلال تجربة عمرية جداً قصيرة.. فقد تجلت موهبته من خلال ذلك الخيال الخصب الممتد المعجون بحقائق الأشياء.. له طاقات الشباب المتوقد المتمكن في حرفنة الشعر اللذيذ.. إنه نموذج رائع لجيل عصره.






نعتقد أن من أدوات الشعر، أو المادة الأولى كتابة، الشعر هو اللغة الجميلة الرقيقة الأنيقة المنغمة، التي تظل تهتز معك رقصاً، وتدلك بعذوبة غنائيتها.. القريني يمتلك هذه الأداة الرائعة بامتياز، التي شحن بها قصائد دواوينه الثلاثة، فلامست القلوب وأرهفت الوجدان.






يا جارة البحر يا من صبحها نغم






يا من طيور السما تجثو لتغسلها






إني أتيتك ظمآن الخيـال جـوى






فألبسي اللغة الجرداء مخملـها






إن مفهوم الشعر عند سامي عبارة عن عناصر متداخلة من مواقف حياتية بسيطة مشحونة بالعواطف الملتهبة والأحاسيس الصادقة، والمشاعر الفياضة.. ناهيك عن تلك المواقف التي تتعدى البساطة وتفاجئه من وقت لآخر في أي مكان وأي زمان فتستفزه للكتابة الإبداعية.. فإحساسه دائماً طيّع لم يخذله أبداً.. فالحب عنده كما القهر، والحزن كما الفرح، والوطن كما حضن أمه.. الموت كما الحياة، والعتب كما الرضا، والتعب كما الراحة وهكذا.






حين تابعت رحلته الشعرية، شدتني كتاباته ذات الدفق الجنوني التي تتغنى بفرح أسرته أوذات الرتم الحزين التي تفاجئه في يومه.. فمن أمه إلى أخته ومن جدته إلى جده مروراً بأصدقائه وأحبابه.. فقد كانت هداياه الرمزية لهؤلاء دفقات حب معشوشبة ندية طرية من قصائده التي ترهف الأحاسيس وتؤجج المشاعر الغافية.. فقصيدته لأخته ديمة في عيد ميلادها.. تلك بعض تفاصيلها:






إلى مقلتيْ ضوء، وموال أمطار






إلى ديمة في القلب تصغي لأوتاري






فتنجب روحي ألف عود لعيدها






وتخضر في كفي من فرحي ناري






نصوصه ممتعة واهتمامه واضح بانتقاء مفرداته الجميلة المعبرة.. عنده غزارة لغوية وحيوية شبابية، واعٍ ومدرك لكل متطلبات ومتغيرات الحياة من حوله.. له قدرة على تنوصيل فكرته بسهولة وبساطة بلغة جميلة دافئة استوقفتني غنائيتها.. فإن العلاقة بيني كقارئة وما يبدعه الشاعر بالغة التأثير في نفسي لما فيها من عذوبة وجمالية ورقة.. فكنت كلما أقرأ قصيدة أجدني أغنيها.. فكأن سامي يكتب الشعر بأوتار عوده، بحيث تفيض من بين طياته رومانسية حالمة جريئة عذبة تعيدك إلى زمن الرومانسيات الذي يعتبره الأغلبية مفقوداً في زحمة حياة اليوم الصاخبة بالهم والضاجة بالمتاعب.. ومن رومانسيات القريني قصائد مذكرات مراهقة..






مساء السبت في المقهى






رأيتك جالساً قربي






نجوم الليل قد سقطت






وغاص البحر في قلبي






أمامي صمت فنجاني






حياتي طعم نيراني






يدي من لهفتي جمدت






وضاق عليَّ فستاني!



هكذا هي أحاسيس سامي ولغته حتى وإن جاءت على لسان مراهقة أنثى.



يفيء علينا القريني بشخصية مختلفة مستقلة في كتابة الشعر.. سامي الإدهاش والإمتاع.. وتلك إحدى متعه.



كان صمتي




وحده في ذلك الليل يغني.. وينادي






ذاب وقتي






معك الآن فلا توقظ جنوني.. وعنادي






رقص البحر بعينيك حبيبي






وعلى خديك تبكي قبلاتي






بعدما غبنا شهوراً






خنت ذاتي!



كلماته لها خصوصية إبداعية وتميز رائع، وتأثير في نفسي كمتذوقة للكلمة الجميلة والفكرة الحلوة، فالقصيدة عنده لوحة إنسانية تشكيلية، يعبر بها عن قضايا وطنية، سياسية، واجتماعية.. وتجارب حياتية منتقاة يتخللها حالات الحب وتزينها لواعج العشق.. لها قوالب مختلفة خاصة بها وتأثيرها واضح في القارئ، ذلك حين تسحبه بعيداً ليحلق في سماوات تلك القصائد ذات الرتم الوجداني الجميل والعواطف الدافئة التي ينسجها القريني بخيوط مشاعره الشفافة وأحاسيسه المرهفة وانفعالاته المضيئة.. لتنعكس على الذات وعلى الآخر.

فعوالم سامي المشتهاة، المغناة، ممتعة وشيقة، متعددة الصور الحزينة والجميلة.. الملونة بالطفولة والمزخرفة بالشباب.. عوالم فسيحة تتسع أكثر كلما التصقت منها واقتربت من معانيها.. إنه يتذكر كل شيء حوله، وكل ما مرَّ به.. عوالمه أرحب من بضع كلمات يكتبها انطباعي.. فمن قصيدة (أنافرات المعاني) نلتقط هذه الرؤيا:



لملمت صوتي فأشجتني المواويل






كأن لحن الهوى بالجمر مغزول






هنا تعرى الصدى يرثي مراهقتي






جسم "النهاوند" في الأوتار مشلول!






يخطو وعكازه "السيكا" فيعثر بي






والعود في بركة الأحضان مقتول


كلمات القريني تلتمع بألوان قوس قزح.. تلك هي جزء من موهبته الإبداعية التي يحاول من خلالها أن يرسم النهار من فجره حتى غروبه.. والعتمة من لحظة الغروب حتى آخر الليل مزداناً بأنوار أقماره وألوان نجومه عبر لغة صافية جذابة نقية..



بكاء الليل أيقظ حزن شباكي






وكنت أغيب عن وعيي






لأنساك






صدى ألمي يمزقني






وحولي دارت الدنيا..






لألقاك!






فكيف أقول:






أنساك؟!






تعجبني قدرته على التكثيف وتحرك فكرته وتناميها لحظة بعد أخرى، من خلال أسلوب رشيق وعميق، وكأنك تقرأ قصة كتبت بلغة شعرية موزونة طرية وأنيقة.. ومن قصيدة (سرير الولادة):






عويل الأم






أول صرخة للطفل






نهر من ربيع الدم






وحيث الشمس في وهج الظهيرة تكتسي برماد قامتها،






وتصعد سلم الآفاق






تُنظر من نوافد عريها فترى الكواكب حولها دوما تدور.











للأماكن تأثير كبير وواضح في كتاباته.. كما لها نصيب الأسد من قصائد الديوان .. فكانت (هواجس برلين) هي الفصل الثالث في الديوان.. ومنها هذه القصيدة المعبرة عن تعلق سامي بالأماكن الثرية ثقافة التي يحبها ويفضلها.. (بعد منتصف الخيال):






لو كان عندي الوقت كي أكتب ما أشاء






كنت جعلت البحر لي حبراً






وكان دفتري .. السماء






أجلس تحت غيمة شفافة الخجل






وأسكب الربيع في قارورة الغزل






تثاءب الشجر






وداعب اخضراره أصابعي بأجمل الصور






تعال يا قمر!











وعن برلين أيضاً تلك الكلمات من قصيدة (مشهد خارجي):






الليل أجهضه الغسق






لك أن تعيد قراءة الأشجار في كف الظلام






واحمل وقوفك كي ترى






قمرا تخبئه الغمامة بين نهديها مخافة أن ينام






(الـشعر دائماً لصيق بعصره ومتطلباته وبالتالي إذا عجز عن هذا الالتصاق أو ابتعد عنه، ستقل قيمته ويفتر معناه.. واستطاع سامي أن يحقق من خلال نصوصه الطموحة هنا الالتصاق الجميل الرقيق الذي يؤثر في القارئ ويمتعه و يثير مشاعره ويرهف وجدانه وهذه وظيفة الشعر الأساسية.. ومن قصيدة ( عبرَ ألـ sms) هذه الكلمات:






كنا نجلس كل خميس






في "ستار بكس"






نشرب "موكا بالكرملْ"






تنظر في عينيّ طويلاً






تطلب مني






أن أترك شعري مجنوناً






حراً، دون قيود "الجل"






كي لا يصبح رأسي أصلع!











* * *






تعودنا على عناوين مباشرة واضحة للكتب والدواوين .. ولكن (عندما لا أحد) .. هذا العنوان المغري غير المباشر جعلني أمام عدة أسئلة حائرة.. لماذا هذا العنوان وما هي دلالته في النصوص.. لأنه ليس عنواناً لإحدى القصائد؟! وبالتالي أخذت أقرأ قصيدة تلو أخرى، وأبحث عن معاني ورموز ودلالات ربما تفسر لي تلك الكلمات الثلاثة.. ولكن دون جدوى.. لم يحالفني الحظ في العثور على جواب سريع.. وبعد أن أنهكني التفكير وكنت قد أبحرت شرقاً وغرباً في الديوان ووصلت إلى الصفحة (221) ما قبل الأخيرة وفي ثلثها الأول.. فوجئت بتلك العبارة (عندما لا أحد) مندسة ولثلاث مرات متتالية بكل اعتزاز وخيلاء بين السطور.. لم اسأل سامي لماذا هذا العنوان الذي لم أهتد إليه بسهولة؟ لأنني أعرف جيداً أن عنوان أي كتاب هو لعبة الكاتب.. وإن ذكاء سامي قاده إلى هذه اللعبة الناجحة التي بقدر ما شغلتني أمتعتني.






فعبارة (عندما لا أحد) جاءت في آخر قصائد الديوان، التي كانت عبارة عن مسرحية شعرية رائعة من فصل واحدة تحمل عنوان (القناع):






كل شيء سراب






عندما لا أحد






عندما لا أحد






عندما لا أحد






يصبح الكون بئر زَبَدْ






لن يظل في العمر شيء سوى خيط دمع نحيل






يقرأ المستحيل






سفني أنكرتها الموانئ






والأرض زنزانتي .. والشّراع






مزقته الأعاصير






والعمر ضاع.






* * *











سامي القريني.. على صغر سنه وقلة تجاربه إلا أنه استطاع أن يستفيد منها ويستثمرها في نصوصه على أجمل ما يكون الشعر.. وهذا ما جعله يبدأ كبيراً .. ونعتقد أن سامي في هذا السن الشبابي قد اكتملت تجربته الشعرية ونضجت.. لكن طموحه لن يتوقف وسيمتد إلى مشاريع أخرى مستقبلية جديدة.. نتمنى!.






حقاً، لقد أكملت شيئاً ناقصاً في ساحة الوجود يا سامي، ذلك حين ولدت.. حين كبرت.. حين أصبحت شاعراً مختلفاً.. ولكن سيظل الوجود ناقصاً يحتاج إلى أكثر من سامي لأن الحياة دائماً سيظل جزءاً منها غير مكتمل يحتاج إلى آخر ليكملة.. لأن الكمال لله وحده جل جلاله وعلت قدرته.



هناك الكثير الذي لم أذكره الذي يزدحم به الديوان، لأترك متعته وارتواءه للقارئ.




m_alshafei@ hotmail.com

********************