برنسيس إيكاروس

Friday, December 31, 2010

... أفضل من أن لا يأتي أبدا

كتبت منى الشافعي

*****

وأنا أتصفح جريدة القبس، صافحني هذا الخبر الذي اشعل الفرح في داخلي، وشدني لقراءته اكثر من مرة، مفاده ان «البلدية» وافقت على تخصيص دار للاوبرا في العاصمة، كما خصصت مواقع لمراكز ثقافية، ومسرحا في كل محافظة.
«برافو».. يا بلدية ويا كل من سعى الى الموافقة على انشاء تلك المراكز الثقافية والمسارح.. وشكرا من القلب على جهود كل الطيبين، التي تضافرت وتكاتفت وانجزت مثل هذا القرار التاريخي للمشروع الضخم الذي سيطل علينا قريبا ان شاء الله، وسينتشر في جميع ارجاء ديرتنا الحبيبة ليزيدها جمالا ورقيا، كما سيظل منارة للثقافة نباهي به الأمم، لأننا نعي جيدا ان الثقافة بكل فروعها وصورها جزء مهم وحيوي من اجزاء التنمية العامة، وهي ثروة انسانية لا تقدر بثمن، لانها تعبر عن وجود الشعوب والأمم، وبالتالي تنفيذ خططها وتفعيلها، هوية وبصمة تؤكدان وجودنا وعراقتنا وحضارتنا بين الأمم.

***
نتخيل - نحن الكتاب عادة - ان صرخاتنا غالبا لا تتعدى حدود صفحات الجرايد.. لكن ولله الحمد، نجد ان بعض هذه الصرخات قد وصلت بلا قص ولا رقيب الى مسامع المعني من المسؤولين، وعن قناعة بدأ مشكورا بالسعي لتنفيذ تلك الصرخة وتفعيلها.
وبالمناسبة، ما كانت احدى صرخاتي تلك عندما نشرت مقالا من وحي «اليوم العالمي للكتاب»، طالبت به، بل توسلت المسؤولين القائمين على الشأن الثقافي، آنذاك، ان يبادروا بالموافقة على انشاء مركز ثقافي ضخم يتناسب وحجم الثقافة في الكويت، ولحظتها كان طلبي متواضعا، فقد تمنيت عليهم مركزا يضم مبنى المسرح القومي وقاعات كبيرة متعددة الاغراض، ومعرضا دائما للكتاب، ومبنى للمكتبة المركزية ومبنى للتراث الوطني، ومقرا يضم اغلب جمعيات النفع العام والجمعيات النسائية، ومبنى خاصا بثقافة الطفل، ومعرضا تشكيليا دائما للفنانين والحرفيين والمصورين.. و.. و.. و.
مضى على هذا المقال، اذا لم تخني الذاكرة اكثر من 8 او 10 سنوات.. لكن، يبدو أن احلامي واحلام كل من كتب قبلي وبعدي من الزملاء والزميلات بهذا الخصوص قد تحققت بعد نشر هذا الخبر «النجمة»، الذي جعلني أردد: «أن يأتي هذا المشروع متأخرا أفضل من ألا يأتي ابدا».

احترام المواعيد

كتبت منى الشافعي

*****

يحزنني أن أفاجأ يومياً ببعض السلوكيات والممارسات غير الحضارية التي أخذت تلازم البعض منّا في تعامله وتصرفاته الحياتية اليومية مع الآخرين.
فهذه الأيام أخذت تلازمنا حالة عدم احترام المواعيد، واللامبالاة في الوقت، لذا يبدو أن التعامل مع الوقت بجدية، وتقدير أهميته باتا آخر همّ نفكر فيه.. مع أن الوقت هو الحياة.. وها نحن نضيعه بامتياز، ونهدره ببساطة، بينما نحن أحوج ما نكون إليه، خصوصاً في ظل هذه المرحلة الحياتية المتنامية المتسارعة، والأنكى أن هذه الحالة أصبحت للبعض عادة يمارسها الإنسان المثقف قبل البسيط، فازدادت شيوعاً وانتشاراً في الأوساط الثقافية العامة والخاصة، من ملتقيات ومنتديات وندوات ومحاضرات واجتماعات، وحتى دعوات شخصية وغيرها. فمن خلال جميع هذه الأنشطة، يصدمك عدم التزام أغلب المدعوين في الوقت المحدد للتواجد. أما مَنْ يلتزم بالحضور في الوقت المحدد، فأصبح هو الاستثناء لا القاعدة. فكل ما نخشاه أن تتحول هذه الحالة إلى ظاهرة، ثم تتطور لتصبح من عاداتنا وتقاليدنا التي لا تمس، وربما بعد زمن، تتشكل جيناً جديداً يضاف إلى جيناتنا.
يا جماعة، متى نتجاوز هذه السلوكيات السلبية، ونعي أن احترام المواعيد وتقدير الوقت سلوك حضاري، وعكس ذلك هو سلوك الفوضى والتخلف؟.
***
نتمنى علينا جميعاً الالتزام بالمواعيد، لأن عدم احترام المواعيد، ليس فقط هدراً للوقت، إنما هو هدر لمال الآخرين وجهدهم، هذا إذا تذكرنا أن الوقت قيمة عالية يجب أن نستثمر كل دقيقة منه، لمصلحتنا جميعاً، ومصلحة الوطن، لأن الحياة قصيرة لا تحتمل أن نضيع ثانية واحدة منها، لأن تعويضها أو استعادتها من المستحيل مهما حاولنا أو فعلنا.
ونتمنى أن نتحلى بكل السلوكيات والأخلاقيات الحضارية، وليكن أولها الاحترام، لأنه في حد ذاته، وبكل صوره، جزء من الثقافة العامة، وواجب أخلاقي راق، ومطلب وطني ملح.. فلنقف لحظة تأمل.. ولنبدأ بأنفسنا.. نتمنى!


وطني الكويت .. أحبك

كتبت منى الشافعي

****


وطني الكويت.. أحبك! هذه العبارة الرائعة ذات المعنى العميق، ليست كافية لحب الكويت/ الوطن، فليس حب الكويت/ الوطن عبارة نرددها ببساطة، أو ابتسامة نفتعلها، أو صيحة نطلقها هكذا في الفضاء. إنما حب الوطن أن نشعر بوجوده الجميل في دواخلنا، ثم نفعّ.ل هذا الحب في كل ممارساتنا اليومية عن اقتناع، بحيث ننسى مصلحتنا الشخصية ونلتفت إلى المصلحة العامة، كل حسب موقعه وإمكاناته وقدراته، بحيث نحاول أن نتلمس آلامه وأحزانه وانكساراته وأزماته ونسعى برغبة صادقة إلى البحث عن حلول جادة وناجعة لتخفيفها والحد منها، كما نتحسس أفراحه وأحلامه وآماله، فنعمل جاهدين على تحقيق ما نستطيعه لإسعاده وإسعاد الآخرين، وأن نعتز بثوابت هذا الوطن (الله ـ الوطن ـ الأمير)، وكل الأشياء التي ترمز إلى أرضه الطيبة المعطاء المسالمة، ونحافظ على ممتلكاته ومقدراته، نهتم بإنجازاته، ولا نعبث أو نستهين بها.. والأهم أن نلتزم بقوانينه ونطبّق لوائحه في شتى المجالات، كبيرنا وصغيرنا.. وأن نسعى جميعاً إلى محاربة الفساد الذي أصبح كالأخطبوط بمليون ذراع وطال الأخضر واليابس.. ونرفض العنف وننادي بالتوعية والتنمية، وأن نبتعد عن الغلو في كل شيء، ونقترب من الاعتدال والوسطية.
إذا اتبعنا هذه الأساليب الحضارية، والمفاهيم الراقية، فهي التي ستعزز انتماءنا وولاءنا للكويت، لهذا الوطن وناسه وأهله الطيبين، والأهم من دون التمسك بالتفاصيل الأكثر خصوصية كالانتماء الديني أو المذهبي، أو الطائفي، أو القبلي، أو العرقي، أو العائلي، أو الحزبي.. فالتعايش الجميل بين هذه الأطياف هو الحب الحقيقي الذي نقدمه للكويت الوطن..
يا جماعة الكويت تستحق هذا الحب وأبعد.. فكلنا للكويت والكويت لنا.. نتمنى.

التنمية الثقافية

كتبت منى الشافعي

*****

ما دمنا نتحدث صغيرنا وكبيرنا هذه الايام عن التنمية بكل عناصرها وفروعها الحياتية.. وما دام الشيء بالشيء يُذكر.. يبدو أننا تناسينا «التنمية الثقافية».. لكنني تذكرت أن أحد المهتمين بالشأن الثقافي طرح عليَّ سؤالا عن التنمية الثقافية وعلاقتها بمستوى الحرية، كوني أمارس الكتابة.. فكان جوابي:
«الثقافة كلمة واسعة مطاطة، ومفهوم حضاري ممتد، تدخل في كل مناحي الحياة اليومية للبشر، وهي ذات دلالة شاملة لا متناهية، تضم بين جنباتها كل أنشطة الحياة الإنسانية، لذا فالتنمية الثقافية مطلوبة ومهمة لرقي الأمم وتحضرها.. وبالتالي، إذا كانت مساحة الحرية ضيقة للحراك البشري، والجهد الإنساني في مكان ما، فإنها بالضرورة ــ مساحة الحرية ــ ستشكل عائقا لهذه التنمية الثقافية، وستقف حجر عثرة في وجه التطور والتحضر والتقدم للأمم.. وهذا ما نلمسه، كتابا وإعلاميين ومبدعين وباحثين وفنانين، في المحيط الثقافي في مجتمعنا، فإن مستوى الحريات بدأ يقل عن المعدل المطلوب، بحيث تضيق مساحته كلما اقتربنا من الحديث او الكتابة عن الامور السياسية، والعادات والتقاليد، والدين.. فهناك من يتصدى لك ليحاسبك على كلمة أو جملة بسيطة غير مقصودة، أو تساؤل عابر، أو حتى حرف من حروف «العلة»، في مقالتك أو نصك الإبداعي أو بحثك الاجتماعي، متناسيا أن الحرية من أولويات وأبجديات الكتابة بكل أنواعها، وهي العمود الكونكريتي لبناء التنمية، وتطوير وتوعية المجتمع ثقافيا، خصوصا في ظل العولمة وحضارة القرن الواحد والعشرين.. وبالتالي لن تثمر الكتابات ذات الحرية الناقصة المحدودة، ولن تساعد على تنمية الثقافة.. فلا تنمية ثقافية من دون حرية واسعة، منطلقة وشفافة.
الحرية هي اطلاق ملكات الانسان وتحريره من كل صور الاستغلال السياسي والاجتماعي والاقتصادي.. فالحرية ملازمة للانسان منذ ولادته، وليست منّة من احد.. وبالتالي حين توجد مساحة كافية ومعقولة من الحرية تزدهر التنمية الثقافية وتترعرع بكل عناصرها، فيبدأ الكاتب، يكتب بلا خوف أو خجل أو عيب أو حرام، وهكذا يتحرر من كل العوائق التي تقف في طريقه.. غير متناس رقابته الذاتية، ومسؤولية الكلمة.