برنسيس إيكاروس

Friday, April 04, 2025

  


حكايتي مع " اللا صديقي " الانترنت !

‫***‬********************

كتبت منى الشافعي 

***********

    منذ فترة مررت بتجربة جميلة بقدر ما أزعجتني، أعجبتني، أحببت أن أشارككم بها.. فجأة! انقطعت خدمة الانترنت عن صالة  مكتبتي التي أجلس فيها أغلب أوقاتي للكتابة والقراءة والرسم، واستمر الانقطاع من عصر ذلك اليوم، وحتى عصر اليوم التالي، لأسباب أجهلها، وتعرفها الشركة المسؤولة عن خدمة الانترنت، ودائما ما يقال لنا أن الخلل/ الانقطاع عالمي. وأحياناً يقال لنا وجيراننا الملاصقين لبيتنا ، ان بيوتكم تقع على زاوية الشارع ، وأن جدران / حوائط بيوتكم مرتفعة وسميكة ، بالتالي تصد عنكم ذبذبات الانترنت .

مع أنه عذراً غير مقبول يا شركاتنا المتطورات ، حسب ثقافتي " الانترنتية غير البسيطة ".

‎‫      خلال هذا الوقت الطويل، تجمّدت الحياة في أوصال «اللاب توب»، «الآيفون»، «الآيباد»، "التلفزيون" والأهم حتى الهاتف النقال توقفت رناته لأن الإشارة اختفت أيضا، لماذا؟ لا أدري، مع أن لا علاقة بين الاثنين. يبدو أن هذه الأمور مقدر لها أن تأتي مجتمعة، إما لراحتي وإما لإزعاجي.وهكذا حلّ السكون/ الهدوء في المكان/  صالة مكتبتي !

‎      لن أخفي عليكم، ففي أولى لحظات الانقطاع، شعرت بارتباك وانزعجت، فقد توقفت كل أعمالي، كنت سأبعث إيميل بمقالتي الجديدة  إلى جريدة القبس، وكنت سأنشر بعض الصور المهمة في الفيسبوك، وكنت سأرد على الواتس آب المهم الذي وصلني من صديقتي العزيزة  أم فهد ، وهي خارج الديرة، وكنت سأكتب همسة خفيفة، بسيطة في تويتر كعادتي، وكنت سأرد على لايكات الأصدقاء في الانستغرام التي تكومت في صفحتي  وخاصة حفيدّيْ فيصل ويوسف اللذيّن يدرسان في سان دييغو /  كاليفورنيا/ أميركا ، وكنت سأكمل طباعة القصة الجديدة الموسومة «.. إني أنطفئ » التي بدأت بكتابتها في الصباح ، وكنت سأكمل رسم  اللوحة الجديدة ، وو و…، واتضح لي أن كل هذه الأمور الشخصية مهمة.

إذاً لماذا اجتمعت كل «المهمات» في هذا الوقت الحرج  .. لا أدري ؟!‬

‎‫    وقبل أن أتضايق أكثر ويزداد انزعاجي، تذكرت أيامنا قبل وجود التكنولوجيا الحديثة ، المتسارعة وأجهزتها المتطورة والذكية، التي أرهقتنا، وغيّرت اسلوب حياتنا، كيف كنا نعيش من دونها، وكيف كنا ننجز أعمالنا وأشغالنا ، من غير وجودها، والأهم كيف كنا نقضي أوقات فراغنا، ألم تكن هناك أمور أخرى تجذبنا وتسعدنا ؟‬

‎‫    وبالتالي تماسكت ، وزرعت على وجهي ابتسامتي المعهودة، وتناولت أحد الكتب الذي كان مرتاحاً قربي ينتظر أن أتصفحه ، بعد أن جذبتني هذه العبارة على غلافه «تمنحك الحياة ألف فرصة.. وما عليك سوى اغتنام واحدة»، وعنوانه شدني أكثر «تحت شمس توسكانا» للروائية فرانسيس مايز، فاغتنمت هذه الفرصة وأخذت أقرأ وأنا مستمتعة بهذا الهدوء الجميل، فأحسست براحة نفسية، ونسيت كل «المهمات».‬

‎‫     ولقد أسعدتني القراءة كثيرا، في ذلك الوقت المسروق من التكنولوجيا وأجهزتها.         

وفي عصر اليوم التالي، فجأة! رن النقال، واختلطت رنات باقي أجهزة التكنولوجيا المحيطة بي، كي تجبرني على العودة إلى الروتين اليومي، فكان جهدي مضاعفاً حتى أنهي «مهمات» الأمس و«مهمات» اليوم، وما أفرحني أكثر، أنني أنهيت قراءة تلك الرواية، واستمتعت بجمالها، فشكراً لهذا العطل/ الخلل التكنولوجي ، المقصود .

والحلو أني أنهيت كتابة هذه الحكاية الجديدة ، مع الغالي" اللاصديق " الانترنت !


  نكهات الزمن الكاملة !

 **************

كتبت منى الشافعي 

***********                            

          في العشرينات من عمري .. يسألني بهدود وثقة: «سنسافر غداً مساءً.. عندك مانع؟».. أبتهج .. أرقص فرحاً أردد: «طبعاً لا.. ليس لديَّ أي مانع.. سأقوم حالاً وأرتب حقائب السفر».. بعد أقل من ساعتين تكون حقائب السفر جاهزة بكل الاحتياجات .. ألتفت إليه ، يعاجلني  بقوله: «لو سمحت ، ضعيهم في حقيبة يدك ، فأنت أحرص مني على هذه الأمور» ..  ابتسم ، وأمسك جوازات السفر والتذاكر من بين يديه وأضعها في حقيبة يدي الكبيرة.

في مساء الغد، نصعدإلى الطائرة.. وابتسامتي لا تفارقني ، كل شيء يسير ببساطة وسهولة!

****

         في الثلاثينات من عمري المديد ، حين يخبرني أن السفر كالعادة غداً، أردد: «أتمنى أن تؤجله يومين فقط حتى يتسنى لي شراء بعض احتياجاتي الخاصة من لوازم الماكياج التي تعيد إلى بشرتي نضارة العشرين ، وتحميها من أشعة الشمس». 

****

         في الأربعينات ، قبل أن يفاجئني بتذاكر السفركعادته ، أنبهه : « لو سمحت أخبرني قبل السفر بأسبوع » طبعاً حتى أتمكن من شراء حذاء مريح يتحمل ثقل جسدي الممتلئ قليلاً ، عدا لوازم الماكياج التي تخفي التجاعيد الدقيقة التي باتت تزين تقاطيع وجهي ، ثم أستدرك لأضيف: «لا تنس الموبايل ، لأنني أحتاج إلى أن أكلم الأولاد يومياً!

****

         في بداية الخمسينات.. يسألني : «هل جهزت كل ما تحتاجينه فالسفر بعد أسبوعين»؟ أتنهد، أتناول دفتري الصغير وأبدأ في القراءة «الاحتياجات ، حذاء رياضي للمشي ، كريمات ولوازم ماكياج خاصة – لإخفاء التجاعيد التي رسمت تعرجات ظاهرة على وجهي - ملابس مريحة ، للجسم الممتلئ ، أدوية الضغط» وضعت الدفتر  جانباً أكملت : «وسأذهب إلى الصالون لصبغ شعري الذي غزاه الشيب من كل جانب ، أتمنى ألا تنسى الموبايل والشاحن وأدويتك الخاصة»!

****

          على أبواب الستينات ، حين يأتي بتذاكر السفر، وحين أنتبه إلى تاريخ السفر، أشهق : «يا إلهي السفر الشهر القادم؟!  أتمنى أن يسعفني الوقت لتحضير الاحتياجات» وفي عجالة أمسك بدفتري الصغير وأقرأ موال السفر  «حذاء طبي للمشي، مشد صحي للظهر، ضبابة للركبة ، ملابس فضفاضة - لإخفاء عيوب الجسم ، الذي بات يئن من كيلوات الشحم واللحم الزائدة - أدوية الضغط والسكر والكوليسترول والمعدة وآلام المفاصل ، كريمات كولاجين وبوتكس- لإخفاء اخاديد التجاعيد- ثم أتذكر فأسأله: «اهم شيء لا تنس كرت الضمان / التأمين الصحي، لانه ضروري جداً، والآيفون والشاحن ، والآيباد ، واللاب توب ، لانني احتاج ان اكلم احفادي ، وابعثلهم صور الرحلة اول بأول يومياً ، اما انت فلا تنس ادويتك واحتياجاتك الخاصة الاخرى.!

****

           يا إلهي، ماذا سأفعل في سن السبعينات ، الثمانينات والتسعينات من عمري المديد ؟!

ونحن - ككويتيين- السفر عندنا من ضروريات الحياة ، وأحد الثوابت المرتبطة بثقافتنا العامة  ؟!


 


لحظات لها قيمتها !

اللحظة الثالثة 

********

كتبت منى الشافعي 

***********                                                  

             ومن اللحظات العابرة ، حين أقود سيارتي إلى حيث وجهتي ، وهموم الحياة بثقلها تصدح في رأسي ، ثم تجبرني الإشارة الضوئية الحمراء على الوقوف . 

      في تلك اللحظة المملة تحاذيني إحدى السيارات القديمة الطراز ، بنوافذها المفتوحة ، وفجأة ! يأتيني صوت عذب لأغنية قديمة ، وموسيقى هادئة حالمة تتماوج مع الهواء ، ليخترق سمعي ويستقر في حنايا قلبي ، ويتسرب لذيذاً إلى روحي ، فأعود بذاكرتي إلى عقود من الماضي البعيد ، لأتذكر بوضوح مع من كنت جالسة حين سمعت هذه الاغنية الرومانسية لأول مرة ؟ كم مضى عليّ من السنين لم أسمع هذه الاغنية وهذا اللحن العذب ؟ ما المواجع التي أثارتها هذه الاغنية القديمة الجميلة في نفسي ؟ وسأجد سيلاً آخر من الذكريات يتدفق عليّ بوروده وأشواكه . 

     وهنا أود متوسلة لو أن هذه الإشارة الحمراء شعرت بأحاسيسي وقدرت عواطفي ومشاعري المختلطة ، وغرقت معي في بحر ذكرياتي حلوها ومرها ، فأشفقت عليّ واستمر ضوؤها الأحمر مشتعلاً متوهجاً ، ملتهباً كما هو داخلي لحظتها .

      من منّا بلا ذكريات حلوة ومرة ، ومن منّا بلا اسرار ؟

   حكايتي مع قلمي!

***********

كتبت منى الشافعي

***********

         هلا قلمي .. قمة سعادتي يوم أن تركت أفكاري تذوب وتمتزج بآرائك ، فقد بحثت عن نفسي كثيراً وأخيراً وجدتها متغلغلة بين أشكالك الجميلة المتعددة ، وألوانك المبهرة .

      لم يكن عبثاً أن أحببتك منذ طفولتي ، وسعيت إليك برغبتي ، وبتلقائية انجذبت نحوك ، وبعفوية أمسكت بطرفك الملون ، كي أحقق من خلالك وجودي وذاتي ، في الكتابة والرسم .

      وهكذا .. طالت وتمددت حكايتي الجميلة معك يا قلمي الغالي ، 

أتدري .. حتى مع أساليب التكنلوجيا المتطورة  الحديثة ، والخاصة للكتابة والرسم ، لم أهجرك يوماً ولن أتخلى عنك أبداً .. أنت عشقي الأول وستظل متجذراً بين أصابعي مهما شاخت وتأوهت .. محباااات !

الحياة فرحة !

 *******

كتبت منى الشافعي 

***********

            وأخيرا .. صدفة حلوة والتقيت بك يا ( سانتا / بابا نوئيل ) في هذا المحل الذي يبيع هدايا الكريسماس ، بكل ألوانها وأشكالها ، إنه يبيع الفرح  قبلها ، هذا  كان شعوري وأنا أتجول بين الألوان المشرقة والأشكال الجاذبة ، وأستمتع بالنظر إلى فرحة الصغار مع الأهل ، الأم ، الأب ، الجد والجدة  ( من غير مربيات ولا خدم ) وابتسامات الكبار وهي تحتضن صغارها ، وتبهجهم باللعب البسيطة الجميلة المعبرة عن المناسبة .  

          وهكذا  تشعر بالدفء من حولك ، مع أن درجة الحرارة  تقترب من الصفر وتزيد .

"ترا سانتا حسباله أنا مراهقة / توني صغيرة "!

فعلاً الحياة فرحة .

  

ألاسكا قطعة آيسكريم لذيذة !

*****************

كتبت منى الشافعي 

***********

      في المرحلة الدراسية المتوسطة ، وفي احد ايام الشتاء الباردة ، من الماضي البعيد ، دخلت مدرّسة مادة الجغرافيا (أبله خيرية) وبعد صباح الخير يا بنات ، صباح النور يا أبله ، استدارت الأبله نحو السبورة وبيدها قطعة طباشير بيضاء ، لترسم خريطة صغيرة لبقعة أرض بعيدة جدا عن عالمنا الصغير (الكويت) ، وتكتب تحتها كلمة (ألاسكا).

     وبعد شرح وتعريف لمدة تزيد عن النصف ساعة ، رن الجرس معلناً انتهاء حصة الجغرافيا ، خرجت إلى الساحة وشعوري ببرودة شديدة تسري في اوصالي ، ولم يلتصق بذهني من درس الجغرافيا ، غير أن الاسكا قطعة أرض تقع في أقصى شمال غرب العالم الجديد ، محاطة بالجبال العالية ، تغطيها الثلوج من كل حدب وصوب ، وكأنها قطعة آيسكريم لذيذة ، وظلت هذه الصورة الجليدية في خاطري ، لحظتها لم يخطر في بالي أنني في يوم ما سأزور هذه البقعة الجليدية الغريبة ، البعيدة عن عالمي ، فقد كانت أحلامي الطفولية لا تتعدى زيارة جزيرة فيلكا ، او قرية الجهراء ايام العطل والاعياد .

    ومرت السنين وكبرت ، وكبرت معي أحلامي وتغيرت ، فتمنيت أن أزور هذا الجزء البعيد البارد من العالم ، وظل هذا الحلم كامناً في داخلي على مرالسنين .

      وأخيراً تحقق قبل مدة قصيرة ـ بفضل زوجي جواد النجار أبو حسام ، الذي لا يقل عني عشقاً للسفر ، وحباً للاكتشاف والمغامرة ، وهكذا زرت ألاسكا عن طريق رحلة بحرية.

(cruise) على ظهر السفينة نرويجين بيرل/

(Norwegian Pearl)

واستمتعنا برحلة بحرية رائعة ومريحة ، ورحلات يومية داخلية لمشاهدة معالم ألاسكا ( قطعة الآيسكريم اللذيذة ) أكبر ولاية في الولايات المتحدة الاميركية ، ومن أغناها .


Thursday, April 03, 2025

  

 أعتقد أنني أنا المجنونة!

  ************* 

كتبت منى الشافعي 

***********

          منذ عدة سنوات سافرت إلى استراليا ، وإليكم ما حدث معي تحديداً في مدينة غولد كوست ، وهذه حكايتي .

       فمنذ أن دخلت بوابة تلك المدينة الترفيهية ، شدّ انتباهي ذلك الجسر الاسمنتي المعلق الطويل ، الذي ينتهي بعمود اسمنتي أيضاً، يرتفع إلى الأعلى كثيراً. 

ولقد أفزعتني تلك العربة الصغيرة ، التي تنطلق من أول الجسر وبها عدد من السياح ، بحيث تنطلق كانطلاق الرصاصة وسرعتها ، حتى تصل الى العمود فتتسلقه ، لتعود بطريقة عكسية إلى نقطة انطلاقتها بالسرعة نفسها .

وكلما اقتربت من الجسر سمعت بوضوح صراخ الركاب ، وكنت أضحك وأردد: 

                (مَنْ المجنون الذي يركب مثل هذه اللعبة الخطرة) .

      وهكذا بعد أن قضينا نصف نهار ، متجولين في تلك المدينة الترفيهية الواسعة ، المزدحمة بالألعاب المختلفة وأمور التسلية الكثيرة ، والمقاهي والمحال التجارية الصغيرة . 

      وبغفلة مني وجدت نفسي أمام بوابة إحدى الألعاب ، لم أتبينها بوضوح ، واعتقدت أنها مركبة تسير في طريق مائي لتريك الحياة البحرية في تلك المدينة ، ولأنني عاشقة لمنظر المياه ، فلم أجد نفسي إلا وأنا داخل تلك المركبة ، حدث كل شيء بلحظة خاطفة ،

حتى أن زوجي / بو حسام  ، الذي كان برفقتي لم ينبهني ، وبأقل من ثانيتين ، نزل الطوق الحديدي على جسدي ، وبدأت المركبة بالانطلاق السريع .

       وهنا كانت صرختي الأولى ، ولكن بعد فوات الأوان ، واستمرت الصرخات مني ومن الآخرين ، وبعد أقل من ثلاث دقائق زمن رحلة الرعب والخوف ، وحين نزلت من المركبة المرعبة ، نظرت إلى زوجي وقلت له بصوت مرتجف ، ووجه فارقته حمرته: 

         (أعتقد أنني أنا المجنونة)!!!